
باتت الجبهاتُ في كلّ من إدلب السّوريّة وطرابلس اللّيبيّة مترابطة، حيثُ يسعى ثنائي الصّفقات (روسيا- تركيّا) إلى تكرار تجربة التّنسيق السّوريّة بينهما في ليبيا، وعقديجتمعُ اليوم، كلّ من الرّئيس الرّوسيّ فلاديمير بوتين، ونظيره التّركيّ رجب طيّب أردوغان للحديثِ حول آخر المستجدّات، وسط بروز مشكلتَي إدلب وإرسال القوّات التّركيّة إلى ليبيا.
ومع كلّ اجتماع لهما يتبادر إلى الأذهان اللّقب الّذي أطلقه السّوريّون عليهم (ثلاثي الصّفقات) وهم روسيا وتركيا وإيران، ولكن بعد الضّغط الدّوليّ على الأخيرة اضطرّت للغياب عن هذه التّحرّكات.
لقاءَات سابقة أنتجت صفقات كُتِبت بدماء السّوريّين
وخلال الاجتماعات الّتي حصلت سابقاً، بينَ هذه الدّول، أبرمت صفقات بدأت منذ الجولة الرّابعة لاجتماعات أستانا.
وعبر اتّفاقيّة ما تسمى خفض التّصعيد مكّنت روسيا قوّات النّظام من السّيطرة على مناطق ريف دمشق وحلب وحمص، قامت تركيّا بنقل الآلاف من مرتزقتها وعوائلهم من هذه المناطق إلى مناطق أخرى احتلّتها كجرابلس والباب وعفرين، ولاحقاً كري سبي وسري كانية، وبدأت بتنفيذ التّغيير الدّيمغرافيّ.
ومنذ بدء هذه التّفاهمات بين هذه الدّول باتوا يتذرّعون بأنّ الهدف من وجودهم هو وقف إطلاق النّار، وإنهاء سفك الدّماء، لكن الحقيقة أنّهم جلبوا الويلات للشّعب السّوريّ.
ووفقاً لتقرير المرصد السوري لحقوق الإنسان بلغت الخسائر البشرية نتيجة قصف القوات التركيَّة وطائراتها 993 مدني فقدوا حياتهم، هم: 675 رجلاً وشاباً و193 طفلاً و125 مواطنة، بينما بلغ تعداد الخسائر البشرية على يد حرس الحدود التُّركي 445 شهيدا مدنيا، هم: 324 رجلاً وشاباً و79 طفلاً و42 مواطنة.
وبحسب تقرير المرصد بأن الهجمات التركية داخل سوريا ، تسببت بتهجير وتشريد عشرات آلاف المدنيين وسط أوضاع إنسانية مأساوية استفحلت في البلاد.
وقال المرصد إن انتهاكات الجيش التركي بحق المدنيين السوريين لا تزال مستمرة ولم تتوقف، رغم ما تروجه دعاية الاعلام التركي والتصريحات الرسمية للمسؤولين الأتراك.
روسيا وتركيّا تُسابقان الزّمن بشأن إدلب وطرابلس
وحول التّسابق والتّنافس التّركيّ الرّوسيّ حولَ إدلب وطرابلس تحدّث الكاتب والأكاديميّ السّوريّ مهيب صالحة لوكالة أنباء هاوار.
صالحة استهلّ حديثه قائلاً: "لم تعد طاولة المفاوضات بين روسيا وتركيا معنيّة فقط بالمسألة السّوريّة، وتحديداً الوضع في إدلب وفي الشّمال السّوريّ عموماً، إنّما أصبحت تعنى، بالتّزامن والتّرابط، بالوضع في ليبيا، وفي محيط عاصمتها طرابلس.
حيثُ أصبحت على مشارفها قوّات الجنرال حفتر المدعومة من روسيا ومحور السّعوديّة ـ مصر الهادفة لتحرير العاصمة من حكومة الوفاق الإخوانيّة المدعومة من تركيّا وقطر".
وأضاف صالحة: "من هذا المُنطلق فإنّ تداعيات الوضع في الشّمال السّوريّ، وبخاصّة في إدلب الّتي تُطبخ على نارها السّاخنة تفاهمات سياسيّة روسيّة ـ تركيّة باتت باردة ربطاً بما يجري على مشارف طرابلس كمحاولة لتبريد الجبهتَين، حيثُ ربط النّزاع بين البلدين".
وأوضح صالحة أنّ "روسيا تضغط على تركيّا في إدلب لتحقيق مكاسب سياسيّة في طرابلس، وتركيّا تهدّد بالتّدخّل العسكريّ في ليبيا لتحقّق مكاسب في إدلب، والاجتماع القادم بين البلدين سيبحث، برأيي، تداعيات الوضع الرّاهن في كلّ من إدلب وطرابلس، وتأثيرها على العلاقات الرّوسيّة ـ التّركيّة، والبحث في مخارج سياسيّة لا تتعارض مع مصالح البلدين المُشتركة".
وحول التّصعيد في إدلب رأى "أنّ عودة الحكومة السّوريّة وحلفائها للتّصعيد في إدلب مرهون بما سيتمّ الاتّفاق حوله بين روسيا وتركيّا، بالرّغم من أنّ القصفَ الجوّيّ لم يتوقّف، واستمراره يشكّل تهديداً للمفاوضات التّركيّة الرّوسيّة".
وأضافَ قائلاً: "يتحمّل عبء العمليّات القتاليّة في إدلب المدنيّون الّذين يكادون يفقدون الثّقة بتركيّا كقوّة قادرة على تزويدهم بنوعيّة حياة مقبولة إلى حدّ ما، وإذا استمرّ القصفُ الجوّيّ فمن المُحتمل أن يتسبّب الوضع في تدفّق أعداد كبيرة من اللّاجئين إلى الحدود التّركيّة، علاوة على ذلك أنّ قضيّة اللّاجئين أصبحت أكثر حساسيّة للأجندة الدّاخليّة التّركيّة، ونقطة ضعف حكومة أردوغان".
وتابع الكاتب والأكاديميّ السّوريّ" روسيا لن تتردّد في استخدامها سواء في المفاوضات السّياسيّة أو في العمليّات العسكريّة، هذه الاستراتيجيّة ستجبر آلاف اللّاجئين للنزوح إلى الحدودِ التّركيّة، فإنّ مواصلة العمليّات العسكريّة في إدلب سيجبر آلاف النّازحين للخروج من ديارهم نحو تركيّا ممّا يضطرّها للتّخلّي عن مناطق في إدلب، ونقل مراكز المراقبة التّابعة لها إلى عمق منطقة خفض التّصعيد".
وبحسب صالحة "هذا سيسمح لحكومة دمشق بالسّيطرة على المناطق اللّازمة لإعادة تشغيل حركة المرور على الطّرق الدّوليّة السّريعة حلب ـ دمشق، وحلب ـ اللّاذقيّة، وتخفيض مساحة منطقة خفض التّصعيد في إدلب الّتي تسيطر عليها المعارضة الإسلاميّة المدعومة من تركيّا".
واختتمَ الكاتب والأكاديميّ السّوريّ مهيب صالحة حديثه بالقول: "بطبيعة الحال فإنّ الطّرفين، روسيا وتركيا، يسابقان الزّمن سواء في إدلب أو طرابلس لتحقيق بعض المكاسب السّياسيّة قبل اجتماع الأربعاء بشأن سوريّة، وقبل اجتماع مجلس الأمن بشأن ليبيا الّذي دعت إليه موسكو".
المزيد من الصّفقات بشأن المنطقتَين خلال لقاء بوتين- أردوغان اليوم.
تعليقات
إرسال تعليق