العيش المشترك بين الكرد والعرب..
كفيل بدرء الخطر التركي والإيراني
حسن ظاظا
استنجد العرب بالدولة العثمانية حين
هدد البرتغاليون جزيرة العرب والعالم العربي وكانت الدولة العثمانية في قمة غزوها
لأوروبا، واليوم العرب يستنجدون بأمريكا وأوروبا لضرب تركيا، وفي السابق لم ينظر
العرب على أن الخلافة العثمانية احتلال أجنبي طوال تاريخها الطويل، أما اليوم فإن
دول التحالف العربي (السعودية والإمارات المتحدة ومصر) يعتبرونها دولة خطيرة راعية
للإرهاب مع حليفتها التكتيكي إيران التوسعية الاستعمارية، والدولتان الوجه القبيح
لهدف واحد، فقد نجحت بريطانيا سابقاً بتحريض شريف مكة ووعدته بالخلافة الإسلامية
على العرب بشرط أن ثار ضد الخلافة العثمانية مع بريطانيا.
واليوم يستنجد العرب بأمريكا والدول
الأوروبية لوقف المد التركي في المنطقة والتصريح الإماراتي لولي عهد أبي ظبي محمد بن زايد باتهام القائد
العثماني بسرقة أهل المدينة هذا التصريح الأخير، أثار غضب طيب رجب أردوغان، وكان
الرد المصري العنيف في وسائل الإعلام على زيارته الأخيرة للسودان الذي تنازل عن
جزيرة (سيناء سواكن) التاريخية والتي كانت
قاعدة عسكرية للدول العثمانية وهذا دليل عميق للأزمة وخلط خطط أردوغان وأحلامه في
البحر الأحمر والقرن الأفريقي، ولكن الحلم الأكبر (زعامة العالم الإسلامي)، من هنا
بدأت تزداد القطيعة يوماً بعد آخر، بين حلفاء الماضي السعودية وتركيا، وتبدو
الدولتان بعيدتين عن بعضهما أكثر من أي مرة، وقد وصلت العلاقات اليوم بين تركيا
ودول التحالف العربي السعودية والإمارات ومصر إلى أدنى مستوى لهما، وقد اتهمت
تركيا مؤخراً الإمارات العربية المتحدة بالتخطيط والدعم للجماعة الانقلابية (فتح
الله كولان).
إن التاريخ العثماني التركي فيه وصمة
عار كبيرة وملطخة بدماء الشعوب على يد الانكشارية القديمة، أما الانكشارية الجديدة
الأردوغانية هي امتداد للانكشارية القديمة التي ارتكبت أبشع المجازر بحق الشعوب
الكردستانية، والشعوب العربية، فقد سقطت الدولة العثمانية بعد الحرب الكونية
الأولى عام 1918م وتم استبدال الجيش العثماني بالجيش التركي الحديث في عهد أتاتورك
مؤسس الدولة التركية على سياسة تأثرية متأثرة بالحليف التاريخي «النازية الألمانية»،
وتعتبر النازية التركية حصن الجمهورية الحديثة للإسلام السياسي الإرهابي بزعامة
أردوغان النازي أيضاً، وحسب القانون فإن
الجيش التركي يتولى وظيفة الحماية والدفاع السياسي عن الدستور والعلمانية للدولة،
ولكن بعد تعديل هذا الدستور حسب رغبة وأطماع أردوغان .. تآكلت في ظل الإسلام
السياسي وحكومة حزب العدلة والتنمية، حزب النازية الجديدة.. أحفاد الانكشارية
المعروفة في تاريخها وجرائمها القديمة، واستبدلت الانكشارية بـ (داعش) والمجموعات
الإرهابية المرتزقة الانكشارية الجديدة أيضاً.
إن التدخل التركي في شؤون الدول
الإقليمية ومنطقة الشرق الأوسط في هذه الظروف وسط
حرب ضروس أفرزتها سياسة الفوضى الخلاقة للنيل من سيادة هذه الدول وأنظمتها
الاستبدادية الحاكمة، وفي1952ٍم انضمت تركيا إلى الحلف الأطلسي وفي عام 1974م تدخل
الجيش التركي في قبرص والميليشيات المسلحة في قبرص أيضاً مماثلة لميليشيات داعش
اليوم لإنهاء الانقلاب العسكري المدعوم يونانياً مواجهاً القبارصة اليونانيين
والجيش اليوناني، وها هي اليوم تحاول امتداد نفوذها في منطقة الشرق الأوسط بهدف
إعادة حلم الإمبراطورية العثمانية والخلافة الإسلامية.
إن تركيز الجهود الدولية على أسلحة
الدمار الشامل من جميع دول منطقة الشرق الأوسط باستثناء إسرائيل يأتي خدمة
لمصالحها ودعماً لسياستها وسيادتها وتوسعها القائم بالمنطقة، يشكل عائق بارز أمام
المساعي الدولية للحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل والتسابق على تسليح العسكري
في المنطقة وإعادة رسم خارطة منطقة الشرق الأوسط الجديد.
وهنا يتبادر إلى أذهاننا هذا السؤال:
لماذا أوروبا تخاف من النازية التركية الجديدة وخصوصاً بعد الحرب الكونية لأولى
عام 1918م تم إبرام معاهدة بين بريطانيا وتركيا ألزمت بريطانيا تركيا بالشروط التي
وضعتها للسيطرة عليها منذ تاريخ التوقيع عليها عام 1923م ومن أهمها:
ـ إلغاء الخلافة العثمانية.
- نفي السلطان وأسرته خارج تركيا.
- مصادرة جميع أموال الخلافة والسلطان.
- منع تركيا من التنقيب عن البترول على
أراضيها ويمكنها استيراد البترول فقط.
- اعتبار مضيق البوسفور ممراً مائياً
دولياً، لا يحق لتركيا أن تأخذ رسوماً من السفن المارة في خليج البوسفور بين البحر
الأسود وبحر مرمرة ومن ثم إلى البحر المتوسط.
هذه الشروط كبلت تركيا والحكومات التي
تعاقبت على الحكم في أنقرة وكل الوعود التي أطلقها طيب رجب أردوغان، هي أكذوبة من
حزب العدالة والتنمية وأميره أردوغان زعيم الإرهاب الداعشي وبقيت هذه الوعود
الأردوغانية للاستهلاك في الداخل التركي ومنها شعاره ووعده، بالسعي لدخول تركيا
إلى الاتحاد الأوروبي، علماً أن اتفاقية الاتحاد الأوروبي تنتهي عام 2023م، أي
مائة عام مرت عليها، وهذه أزعجت الأوروبيين وبخاصة الألمان، الذين وضعوا خطة
استراتيجية جديدة لمنطقة الشرق الأوسط، وذلك لوقف التوسع الجديد للمرحلة القادمة،
فالأحلام التركية واحتلال مدينة جرابلس وبعض المناطق في إدلب والاعتداءات المستمرة
على الشمال السوري يشكل خطراً حقيقياً في تقسيم سوريا حسب الاتفاقيات غير المعلنة
بين الأتراك والإيرانيين في اقتسام الكعكة السورية، ولم يبق في الساحة السورية،
وساحة المواجهة لدرء هذا الخطر الاستعماري للحفاظ على وحدة سوريا إلا قوات سوريا
الديمقراطية التي تضم جميع مكونات المجتمع السوري، هذا على الصعيد العسكري، أما
على الصعيد السياسي يبقى مشروع الفيدرالية هو الحل الوحيد والأمثل لوحدة سوريا.
وبينما الروس همهم الوحيد القواعد في
الساحل السوري ونفوذهم في البحر الأبيض المتوسط، فكل هذا يجري على مرأى من كل دول
العالم، رغم ارتكاب المجازر الجماعية لكل شعوب المنطقة في كل من سوريا ولبنان والعراق
واليمن وليبيا، ولكن حرب الإبادة الجماعية لشعوب كردستان مستمرة وبوحشية ضد الشعب
الكردي في المدن الكردستانية، والسؤال هنا: إلى متى سيستمر الصمت العربي؟ أمام هذه
المجازر والتمدد في النفوذ التركي بالمنطقة، بعض الدول العربية صامتة بغض النظر عن
تمدد وتوسع النفوذ التركي والإيراني أيضاً، ولكن من المؤسف حقاً تجاهل الأطماع
الطورانية، وعودتها للمنطقة لإعادة الحلم العثماني وطربوشه من خلال (جالديران
جديدة).
تركيا التي احتلت البلدان العربية أكثر
من أربعة قرون، عادت اليوم للمنطقة بقميص عثماني داعشي انكشاري جديد، في ظل صراع
إقليمي محموم متوتر في المنطقة، فأردوغان بدأ بوضع إعادة الدولة العثمانية
الجديدة، والعرب والكرد اليوم عائق وعقبة أمامه بسبب تحالفهم مع أمريكا، فالعرب
أسقطوا الخلافة سابقاً، فهل نشهد اليوم أسقاط حلم أردوغان في إعادة حلم أجداده.
وهنا لا بد قول الحقيقة للشعوب العربية
وحكوماتها الاستبدادية والمتناحرة مع بعضها البعض، والمتباعدة عن هموم ومطالب
شعوبها بالحرية والديمقراطية والالتزام بالمواقف الوطنية والقومية للحفاظ على
عروبتها، وذلك لمواجهة الخطر الفارسي والطوراني في منطقة الشرق الأوسط، فالمطلوب
من العرب والكرد والشعوب الأخرى، الوقوف في خندق واحد للتصدي للاستعمار الجديد
الذي بات يهدد المنطقة والدول العربية ويسعى إلى احتلالها ونهب خيراتها
وخاماتها بالإضافة إلى تهجير سكانها
والتعبير الديمغرافي عنوة وبالترهيب
والقصف والتدمير والذبح، فكل هذه الممارسات تحصل اليوم في سوريا والعراق واليمن،
وهي سياسة جديدة ممنهجة وما زالت الأنظمة العربية صامتة متفرجة لا حول لها ولا
قوة، سوى الحفاظ على موقعها وكرسي الحكم والقيادة والسيادة والاستبداد تحت شعارات
ولافتات مختلفة، وهنا حان الوقت للشعوب العربية بالتضامن مع الكرد والشعوب الكردستانية
التي تتعرض لحرب إبادة جماعية اليوم من الأمير الداعشي وأردوغان الطاغية المتغطرس
وخطره القادم لاحتلال بلاد العرب وتوسع نفوذه لجزيرة (سواكن) بالبحر الأحمر والقرن
الأفريقي، وللقضاء على حلم الطربوش العثماني وامتداد نفوذه التوسيعي يتوجب الضغط
على حكامهم للوقوف مع وحدات حماية الشعب وقوات سوريا لديمقراطية والتي تتصدى وحيدة
للقوات التركية فإن التضامن بين الشعبين الكردي والعربي ضرورة ملحة اليوم، قبل
فوات الأوان للحد من التمدد والنفوذ التركي الذي وصل إلى البحر الأحمر وما جزيرة
(مينا سوكن) السودانية إلا تهديداً بالدرجة الأولي لمصر والسعودية والبلدان
العربية في الشمال الأفريقي وأفريقيا.
جزيرة سواكن القاعدة
العسكرية التي تنازل عنها عمر البشير خلال زيارة أردوغان الأخيرة ستكون بالتأكيد
مركز انطلاق المجموعات الإرهابية (داعش) وغيرها، بدعم تركي وإيراني للإرهاب المنظم
والوصول إلى جزيرة سيناء التي أصبحت وكراً ومرتعاً للمجموعات الإرهابية ضد مصر
وسيادتها وقتل الأبرياء من الشعب المصري، كل هذا يجري بدعم وتخطيط من رجب طيب
أردوغان، والسؤال هنا: هل ستكون جزيرة سيناء عاصمة لداعش بدلاً من الرقة السورية
الحليف التكتيكي لإيران من أجل إبعاد السعودية عن زعامة العالم الإسلامي، وبدعم
قطري وللوقوف أمام هذا الخطر التركي، على العرب الاستنجاد بوحدات حماية الشعب
وقوات سوريا الديمقراطية التي طردت داعش وحررت كل المدن في الشمال السوري وبقوات
سوريا الدمقراطية للوقوف والتصدي للحلم التركي وإنقاذ البلاد العربية من خطرين
استعماريين تركي وإيراني، ويبقى العيش المشترك بين الكرد والعرب كفيل بدرء الخطر
التركي.
تعليقات
إرسال تعليق