الفلسفة
الدينية وفكرة التطرف الديني على الإنسان
في
الحقيقة ما يزال فكرة التدين هاجساً مرعباً يتربع في العقول البشرية, وأخذ حيزاً
كبيراً من مفهوم الوجود الإنساني على هذا الكوكب الذي كاد أن يكون أشبه بلهيب
مشتعل من الأفكار المتطرفة مع توقف التفكير تجاه الإنسانية وفق التعامل التحضري في
إنشاء مجتمعات يتقبل الآخر والاندماج معه.
وللأسف
فأن مفهوم الديانات لدى البشرية ضيق جداً بحيث أخذ على عاتقه رسم إطار ضيق للتفكير
البشري لا يتعدى أن يكون مجرد إطار فوضوي سلطوي تهجمي ضيق الأفق, والبشرية جمعاء
باتت تعيش فكرة التدين بسبب وقوعهم في فلسفة معجزات لا يمكن للعقل الباطن والظاهر
أن يستوعبه, بل هي مجرد معجزات استوحاها العقل البشري من فكرة تغيير مفهوم الوجود
الإنساني والسيطرة على خصوصياته والتحكم به لغرض إشباع فكرة التسلط عليه أي على
الإنسان نفسه, والدين بحد ذاته فكرة تطرفية بحتة, الغاية منها تغيير منهجية
الحياة.
إن
فكرة الأديان السماوية فرضت نفسها على العقل البشري ومنعته من العيش مع الحقائق
العلمية الفيزياوية أو البيولوجية وفكرة الدين هيمنت على العقل البشري بحيث منعه
من الاعتماد على الثبوتيات الكونية أو متغيراتها التي لا دخل للدين فيها.
إن
الدين بما يحمله من تعاليم ومواعظ أغلبها ترهيبي وتخويفي غايته جعل الإنسان
متقوقعاً منهمكاً في حفظ التعاليم والمواعظ في أحلك الظروف, هنا لا أشجع على
استحداث مفهوم العلمانية وإخراجها للعلن ولا أنوي التفكير بعرش الإلهية المطلقة
التي استحوذت على أفكارنا منذ آلاف السنين, ولكن رغبتي هي عدم جعل الدين سلعة في
أيادي المتطرفين الدواعش أصحاب الفواحش والقتل والذبح المتلبسين بنقاب التدين, وفي
الظاهر يقدمون على قتل التفكير البشري وفق تعاليم كاذبة.
إن
الفلسفة الدينية المتطرفة في الشرق الأوسط الذي بات محكوماً من قبل بعض أناس
وأنظمة متقوقعين في عباءة التزييف التعبدي الكاذب, و ما تعلمناه من الدين هو تنقية
الروح من الخطايا والسيئات فكيف الحال إذا كان في الدين نفسه خلل عظيم ؟!
وإذا
كانت للمؤسسات في الدولة واجب إصلاح المجتمعات بالاعتماد على الأفكار الدينية
المتطرفة وجعلها ألعوبة في أيادي أناس لا يؤمنون بوجود العقل البشري الحر؟! في وقت
أصبحت لسيمفونية التطرف الديني أغنية تغنى على المنابر السلطوية والسياسية التي
اختلطت بنكهة الأديان السماوية بين المعلم والمتعلم أو بين الواعظ والموعوظ, وفي
كلا الحالتين لا يكمل أحدهما الآخر بصورة أدق لا يفهم أحدهما الآخر, لأن الدين
يعتبر فلسفة باراسايكولوجية أي ما وراء الطبيعة, أي شكل خيالي محسوس وغير ملموس.
هناك
العديد والكثير ممن درسوا فلسفة الدين ومن عدة جهات وأقاموا عليها العديد من
النظريات والاجتهادات الشخصية حسب رغباتهم في إحياء منهجية الدين ليكون فعلاً
واقعاً ملموساً ولكنهم في الحقيقة وصلوا إلى نهاية يتوقف عندها العقل البشري من
فهم حالة الدين, وتفسيراتهم لم تلاقي أي استحسان من قبل الآخرين الذين لا يستطيعون
ربط الحقائق بالفرضيات مهما أعطيت لهم من النظريات وفق فلسفة خيالية غير ملموسة,
فمثلاً من المستحيل أن يقتنع العقل البشري بوجود حالة الجنة والنار, لأنها بنيت
على فرضيات دينية بحتة أساسها الترهيب والتخويف والتقوقع ضمن تعاليم لربما بعيدة
عن واقع الإنسانية والعقل الباطن .
إن تطرف الإنسان على منهجية الدين يعتبر
من أخطر ما يواجه المجتمعات الدينية المحافظة ولكن عندما نقول بأن الدين نفسه قد
تطرف على الإنسانية سوف نلاحظ جدالاً واسعاً من قبل أولئك المتزمتين في عباءة
الدين وهم يدعون بأن الإنسان قد ادعى الكفر في داخله وأخرجه للعلن ويجب مقاضاته
وفق الشريعة الدينية, وبذلك نكون قد رجعنا إلى نقطة البداية من جديد بأن الدين
أصبح واقعاً مفروضاً على الإنسانية وعليه تقبل فلسفة الدين والتطرف على الإنسانية
كما تمارسه المجموعات التكفيرية المرتزقة اليوم في بلدان الشرق الأوسط والعالم
الإسلامي الذي يموج بأصداء الفوضى والاضطراب.
تعليقات
إرسال تعليق