الحرب السورية مستمرة...والقادم
أخطر...؟!
حسن ظاظا
سقطت إدلب بأيدي
المرتزقة نتيجة للدعم الأردوغاني الملحوظ بمساعدة الجيش التركي والتنسيق المباشر
بين داعميهم الرئيسيين تركيا والسعودية وقطر ووفق هذا الدعم تسعى هذه القوى إلى
تغيير التوازن العسكري ضد نظام الأسد الذي أصبح في حالة حرجة محصوراً من الناحيتين
العسكرية والاقتصادية وهشاً جداً من الناحية السياسية إلى درجة أنَّه غير قادر على
الصمود في حال تمت الضربة القادمة والقاضية على حزب الله اللبناني بحرب تشنها
إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية القريبة جداً، وما التصريحات الأخيرة للرئيس
الأمريكي (ترامب) خلال لقائه برئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري حول تشكيل حزب
الله اللبناني تهديداً لدول الشرق الأوسط، وكذلك تهديده لإيران، إلا بداية لحرب
شاملة في منطقة الشرق الأوسط، ولم يكن تهديد ترامب مساومة لكسب سياسي لأن
المستجدات السريعة الجديدة بالمنطقة أصبحت (كالجمر الذي يخبو تحت الرماد) لم ينطفئ
ولم يتمكن المرتزقة الذين يطلقون على أنفسهم (ثوار) من قلب التوازن الاستراتيجي
بعد ولا يزال أمامهم صراع شاق قبل أن يتمكنوا من ذلك ولا ريب أنهم في أدائهم
استفادوا كثيراً من التحسينات الكبيرة التي أجروها في جوانب التنسيق في محافظة
إدلب والحصول على ما يصبون إليه في الوقت الذي يهددون طريق النظام إلى حاميته في
حلب ويسيطرون عليها وعلى حماة وحمص غير أنَّ هؤلاء المرتزقة لا يملكون القوة
الكافية للتغلب على النظام المسيطر على أجواء المنطقة بالطائرات الحربية والمعدات
القتالية الثقيلة برياً بالإضافة إلى تلقي النظام المساعدات العسكرية من روسيا وإيران
تكفي لإبطاء وربما وقف المزيد من تقدم المرتزقة، ومع ذلك وصل نظام الأسد إلى ذروة
قدرته على تعبئة المزيد من الموارد لمواصلة الحرب ومحاولته السيطرة على مناطق
الشمال الغربي والشمال الشرقي تعثرت وباءت بالفشل ولا تزال قواته منهمكة في
(القضاء) على جميع من يحمل السلاح ضده، والأهم من ذلك هو أن فشل النظام في الدخول
في حوار سياسي هادف مع أي طرف داخل أو خارج سوريا لحل النزاع أو معالجة المظالم
لدى قاعدته الاجتماعية ومؤيديه من خلال تخفيف حدة الفساد المستشري في صفوفه
والمحسوبية في منح العقود الحكومية حرمه من أي فرصة للتعافي سياسياً أو اقتصادياً
أو عسكرياً، فقد فرغت مؤسسات الدولة إلى درجة غير مسبوقة ويبدو أن اِنخفاض الليرة
السورية خرج عن نطاق السيطرة فيما تشير كل المعلومات والدلائل الواردة من الساحل
السوري عن تعرض ضباط الجيش والأمن من أصحاب الرتب الصغيرة والمتوسطة والكبيرة إلى
عمليات اغتيال وكمائن، وباتت الخصومات الفئوية والخلافات السياسية داخل معسكر
النظام تتعمق في داخل المجتمع، والبيت العلوي بالساحل السوري يبدو هشاً بصورة
متزايدة وهذا له مغزى كبيرٌ بالنسبة إلى ما حدث من مجازر وقصف وتدمير من سلاح الجو
الروسي والسوري بدعم إيراني وروسي. حتى الآن لم يتم اتفاق للتوصل إلى الحكمة
التقليدية التي تقول: إنَّ لدى إيران القدرة على الأقل إذا التقت مع روسيا في هذا
الخصوص على الضغط على النظام لتقديم تنازلات حقيقية وفي الوقت نفسه إجبار منافسيها
الإقليميين على قبول حل وسط على منصبه ولكن ما هو مدى قدرة إيران حتى لو أيدتها
روسيا على (ليِّ ذراع) نظام الأسد لقبول صفقة لا يرضاها؟ وبالنظر للتراجع الشديد
في تماسك النظام وموارده، إلى مدى يمكن لإيران وروسيا الضغط عليه من غير تقويضه؟
لم يبقَ لإيران
وروسيا سبلٌ لفعل المزيد مما سبق أن فعلتاه لدعم نظام الاسد باستثناء انتشار عسكري
كبير ومباشر، لكن ذلك سيكلفها كثيراً ويعمق أزمة الشرعية الداخلية للنظام ويسارع
بالانهيار المؤسساتي للدولة السورية، وفي ظل هذه الظروف من المستبعد أن يؤدي الفشل
في التوصل إلى أي اتفاق حتى لو أدى إلى إعادة الاتفاق النووي مع إيران إلى تغيير
المشهد بل يمكن أن ينقلب الوضع ضد إيران وروسيا، وربما ستحتاجان فعلياً إلى النفوذ
والموارد أملاً في الحفاظ على مؤسسات الدولة الرئيسة بما فيها الجيش، في حين
تسلمان بأنهما لم تعودا قادرتين على حماية النظام ورئيسه والمرتزقة غير قادرين أن
ينتصروا، غير أنه وللمرة الأولى منذ بدء الصراع السوري خسر النظام على الصعيد
السياسي والاقتصادي والعسكري أيضاً، فالنظام يحاول اليوم إعادة قوته وتحقيق
التوازن العسكري من خلال الانكماش جغرافياً للثبات على خطوط مواجهة أكثر استقراراً
وبالمقابل يقلص خدمات الدولة بشدة أكبر ويشد على بطون مواطنيه أكثر بهدف تركيز
موارده الاقتصادية للحفاظ على ذاته فقط، كي يستمر بالبقاء على سدة الحكم، فيتيح
ذلك له أن يقاوم معتمداً على الدعم الخارجي بمواصلة ضغوطهم لحمايته وبقائه، ولكن
إذا ما أجبر النظام على التخلي عن سلطاته الواسعة في سياق صفقة إقليمية ودولية بدا
حراكها اليوم واضحاً ترافقها تهديدات تنذر بحرب عالمية ثالثة، وأعتقد جازماً أنَّ
المشكلات التي اعتمد عليها للحفاظ على نفسه بدأت تتفكك وتعيد الاصطفاف بطرق جديدة
وينبغي على كل الأطراف الخارجية الفاعلة أن تتوقع وتستعد لمواجهة الوضع الميداني
الذي يتحول بسرعة في تلك الحالة من خلال استجابات معدة إعداداً جيداً وتدخلات
موجهة بدقة ويشكل هذا الاقتراح لبناء (قوة وطينة لفرض الاستقرار) يمكن أن توفر
الأمن والأمان والنظام في سوريا في المرحلة الانتقالية مثالاً جيداً لمثل هذا
التفكير وينبغي أيضاً تحديد الأولويات السياسية والإدارية والمالية الهامة الأخرى
والإعداد لها بطريقة مماثلة، ولكن للأسف الشديد فات الأوان على نظام الأسد
المتهالك ولم يبق في الميدان غير قوات سوريا الديمقراطية وهي الأنسب والأخلص ولاءً
لسوريا اتحادية فيدرالية وهي أنسب اختيار لتكون قوات سوريا الديمقراطية الجيش
الوطني، واليوم يتمدد النفوذ الإيراني ومعه تتمدد الطائفية وتنتشر الميليشيات
منافسة للدول وأغلب الدول العربية باستثناء السعودية لا ترفع صوتاً في وجه طهران
لأنه يسمح لها بتمرير ما تريد من تحت أقدام الدول العربية وهي تسرب الطائفية وتنشر
الميليشيات ونحن نلتزم الصمت حتى تتهم بنشر الطائفية لم ينتبه هؤلاء أن الطائفية
تكاد تلتهم الجميع وأنَّه لابد من فعل شيء لوقف هذه المهزلة كل الدول العربية بلا
استثناء تقريباً لها مشاكل ظاهرة تشمل أبعاداً سياسية ودينية وطائفية واجتماعية
واقتصادية، لكن تظل الأزمة السورية في الواجهة الآن باعتبارها الأزمة الأكبر التي
تمثل تهديداً غير مسبوق لمفهوم العروبة ذاتها، إن جاز التعبير والتي بُنيت على
مدار أكثر من 14 قرناً حيث كانت دمشق حجر الأساس فيها بكل مراحلها التاريخية
وتقلباتها العصرية.
الصورة اليوم في
سوريا قائمة جداً مع كل الأحداث الدموية التي تشهدها سوريا ومشاهد مئات الآلاف من
الجثث والمجازر والضربات الكيماوية والإرهاب والتطرف والنزاع الطائفي والقنابل
والتعذيب والبراميل المتفجرة واللاجئين الموزعين في بلدان الأرض والأطفال والأيتام
وذوي الإعاقة وهكذا فالحرب مستمرة في سوريا وأخطرها الآن تجميع المرتزقة من
المجموعات التكفيرية بدعم تركي مكشوف والضحية الشعب السوري المقموع والمقهور
والقادم أخطر؟...
الصورة اليوم في سوريا قائمة جداً مع كل الأحداث الدموية التي تشهدها سوريا شكري شيخاني كاتب وصحفي مصر
ردحذف