التخطي إلى المحتوى الرئيسي

عمان: بقلم وزير الاعلام والثقافة الاردني السابق صالح القلاب / لا يصح إلا الصحيح... ومن حق «الأكراد» إقامة دولتهم المستقلة!






وقبل بضعة أيام بادر نظام بشار الأسد إلى «التكرم» على «أكراد» سوريا بمنحهم «الحكم الذاتي»، وبالطبع فإن من ينطقون باسم هؤلاء ويمثلونهم قد بادروا إلى رفض هذا العرض الذي يعني أنه لن يتغير عليهم شيء، وأنهم سيبقون خاضعين لكل ما بقي يخضع له أشقاؤهم في باقي المدن والمناطق السورية، وبخاصة في دمشق وحماة، ومنذ عهد صلاح الدين الأيوبي وحتى والمشكلة بالنسبة لهؤلاء، إنْ في تركيا وإنْ في العراق وإيران،                                 
ربما أن هناك من لا يعرف أن «الكرد» أو «الأكراد» إنْ في تركيا وإنْ في سوريا والعراق ولبنان وفلسطين، وأيضاً في مصر وإنْ بنسبة محدودة جداً قد خضعوا للدولة العثمانية، وأنهم قد اعتبروا مواطنين عثمانيين، لكن بحقوق منقوصة مثلهم مثل العرب، وإنّ قسماً منهم قد خضعوا وبخاصة في كرمنشاه ومهاباد إلى «الصفويين» وإلى النظام الشاهنشاهي – الإيراني، والمشكلة في كل الأحوال أنه لم يتغير عليهم أي شيء منذ بدايات عشرينات القرن الماضي وحتى هذه اللحظة!
في عهد الدولة العثمانية من المعروف أنه باستثناء الأتراك كان الجميع يعتبرون مواطنين من الدرجة الثانية، وحتى وإن تبوأ بعضهم مواقع رئيسية في هذه الدولة، وحقيقة أن تلك الفترة كانت بالنسبة للعرب فترة ظلامية بكل معنى الكلمة، وعليه فإنه كان لا بد من الثورة العربية الكبرى، وأيضاً كان لا بد من الانقلاب «العلماني» الذي قام به مصطفى كمال (أتاتورك) الذي من المعروف أن تأثيره لا يزال مستمراً حتى الآن إنْ في تركيا نفسها وإنْ في بعض دول هذه المنطقة!
 إنّ المعروف أن أكراد سوريا كانت لهم مشاركة رئيسية في الحياة السياسية السورية منذ بدايات الاستقلال وحتى أول انقلاب «بعثي» في عام 1963، وأن هناك منهم من تبوأوا موقع رئاسة الدولة ورئاسة الوزراء، مثل أديب الشيشكلي، وإبراهيم هنانو، وحسني الزعيم، ومحمد علي العابد، وفوزي سلو، ومحسن البرازي، والمعروف أن محمود الأيوبي الكردي أصلاً كان أحد قادة حزب البعث المرموقين، وأنه هو أيضاً تبوأ مركز رئيس الوزراء في عهد حافظ الأسد ومنذ عام 1972 وحتى عام 1976.
إن ما تجدر الإشارة إليه هنا هو أنه لم تكن هناك محاولة جدية وفعلية لإقامة دولة كردية إلا تلك المحاولة التي قام بها القاضي محمد ومعه الملا مصطفى البارزاني في عام 1946 بمساندة جوزيف ستالين، لكن تلك الدولة لم تصمد إلا لأحد عشر شهراً، حيث أطاحها الشاه رضا بهلوي وأعدم مؤسسها في ساحة مدينة مهاباد، وذلك في حين أن هذا الزعيم الكردي قد انسحب ومعه بعض قواته إلى الاتحاد السوفياتي وبقي هناك لفترة طويلة عاد بعدها إلى بغداد، ثم إلى كردستان العراقية.
وحقيقة أنه بعد إسقاط محاولة «مهاباد» تلك لم تظهر في المناطق الكردية، إنْ في تركيا وإنْ في سوريا، أي محاولة كردية استقلالية، وإن المحاولات الجدية في هذا المجال قد اقتصرت على إقليم شمال العراق وأيضاً على منطقة كردستان الإيرانية؛ فحزب العمال الكردستاني - التركي الذي كان شكّله الاتحاد السوفياتي ومعه النظام السوري كان من أجل الضغط على تركيا وإزعاجها وتشتيت قدراتها، وأنه باستثناء منطقة ديار بكر وامتداداتها لم يكن له أي ظهور جدي في تركيا، وهذا مع أن الأكراد الأتراك كانوا وما زالوا يشكلون الأكثرية الكردية في هذه المنطقة.
لكن، ومع أنه قد تم إحباط محاولة أكراد شمال العراق، بقيادة مسعود بارزاني، لإعلان دولة مستقلة، فإن هذا لا يعني أنه قد تم الاستسلام لواقع الحال والاكتفاء بهذه الصيغة «الفيدرالية»؛ فهدف إقامة الدولة الكردية المستقلة، التي تشمل أيضاً أكراد تركيا وسوريا وإيران، لا يزال قائماً ووارداً، وهنا يبدو أن الفرصة الاستقلالية باتت أكثر «توفراً» بالنسبة للأكراد الإيرانيين؛ نظراً لأن دولة الولي الفقيه لم تعد قادرة على مواجهة تنامي النزعة الاستقلالية بالنسبة للأقليات القومية في إيران!
وعليه، فإن من غير الجائز إطلاقاً أن يحرم الأكراد من تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم أو دولهم المستقلة وعلى غرار ما حققه غيرهم؛ فهؤلاء من حقهم أيضاً أن يستقلوا، ثم وأنه من الظلم أن يبقوا مجموعات وجماعات مشتتة وملحقة بدول هذه المنطقة، تركيا وإيران العراق وسوريا، وأيضاً أذربيجان وروسيا وأرمينيا، وإنْ بحدود معينة.
إنه أفضل لدول هذه المنطقة، تركيا وسوريا والعراق وإيران، ألا يبقى هذا الجرح ملتهباً وراعفاً ومستنزفاً لإمكانات هذه الدول وقدراتها، وأيضاً ألا يبقى ثغرة يتسرب من خلالها الطامعون في هذه المنطقة وعلى غرار ما هي عليه الأمور الآن، حيث هناك كل هذا التدخل الروسي والتدخل الأميركي وأيضاً الإسرائيلي «العسكري» الذي تجاوز الحدود كلها وأصبح يشكل عبئاً على كل دول هذه المنطقة العربية!
إن المؤكد أن رجب طيب إردوغان يخشى من أن تتقلص تركيا، التي كانت في العهد العثماني دولة ذات نفوذ هائل في ثلاث قارات هي آسيا وأوروبا وأفريقيا، إلى حد «التقزُّم» إذا استقل عنها الأكراد، الذين يشكلون ثقلاً رئيسياً في تركيبتها السكانية، وكوّنوا دولتهم المستقلة، إنْ وحدهم أو مع الأقليات الكردية، إنْ كلها أو بعضها، لكن عليه، أي على الرئيس التركي، أنْ يعرف ويدرك أنه لا يستطيع الحفاظ على ما كانت عليه الأوضاع في العهد العثماني وأيضاً في عهد مصطفى كمال (أتاتورك)؛ فالتاريخ وبخاصة تاريخ هذه المنطقة «متقلب» باستمرار، وهو بالتأكيد سيعطي الأمة الكردية حقها كما أعطى للإيرانيين والأتراك والعرب حقوقهم.
والأفضل هنا أن يكون فراق الأكراد إنْ في تركيا وإنْ في سوريا والعراق وإيران وباقي ما تبقى بالتفاهم، فـ«الطلاق» بإحسان أفضل كثيراً من الطلاق بالقوة، ويقيناً أن الأفضل لمكونات هذه المنطقة كلها أن تحل خلافاتها سلمياً وبالتراضي لتبقى العلاقات بين بعضها بعضاً علاقات محبة وأخوة، وعلاقات اقتصادية متبادلة ومع الابتعاد عن الحروب والمشاحنات والمؤامرات والألاعيب الدولية.
وهكذا، وفي النهاية فإنه يجب أن تنتهي هذه الوضعية، أي الوضعية الإلحاقية، بالنسبة للأكراد في هذه المنطقة الشرق أوسطية كلها؛ فهذا الشعب من حقه أن تكون له دولته المستقلة إنْ على أساس «فيدرالي» وإنْ على أساس «المركزية»، وأسوة بأشقائه العرب وأشقائه الأتراك وأيضاً أشقائه الإيرانيين... إن هذا هو الصحيح، وإنه من المؤكد أنه لن يصح إلا الصحيح في النهاية، ومهما طال الزمن الذي هو قد استطال بما فيه الكفاية، وإذ إنه لا يجوز أن يطول أكثر مما استطال!
زير اعلام ووزير ثقافة ووزير دولة سابق وعضو مجلس امناء المجموعة السّعوديّة للأبحاث والتّسويق

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بقلم: هدية علي عضو ديوان المجلس التشريعي لاقليم الجزيرة / الخط الثالث هو المشروع الديمقراطي لبناء سوريا الجديدة

بقلم: هدية علي - سوريا عضو ديوان المجلس التشريعي في اقليم الجزيرة ان الاحداث التي تشهدها سوريا والمنطقه هي.دراماتيكيه متسارعه والقوى التي تدير العالم مثل امريكا وروسيا والصين التي تلعب دور الخافي والقوى الاقليميه والقوى السوريه مثل النظام والمغارضه ومشروعنا الديمقراطي الذي انتهج الخط الثالث الذي لعب الدور المنقذ للشعب والكل له حساباته واجنداته وتحالفه والمشاريع لدى القوى المحليه والثانيه هي مشروع النظام هو هدفه اعادة السيطرة على كامل المناطق واعادة سوريا الى ماقبل ٢٠١١وقوى المعارضه التي قد تكون اسلاميه راديكاليه والاخوانيه وبعضها تبني الفكر السياسي الاسلامي والمعاداة والخط الثالث الذي هو المشروع الديمقراطي المبني على الادارات الذاتيه الديمقراطيه هدفنا هو ان نحمي مناطقنا من الدمار والفوضى والثاني. هو بناء سوريا المستقبل في ظل نظام استبدادي شمولي هذا المشروع الديمقراطي الذي ومنذ السنوات الاولى وحتى الان حقق انجازات كبيرة على الاصعدة .السياسية والدبلوماسية والعسكرية والخدميه بدء من المجالس والكومينات ووصولا الى الهيئات الادارة وتشكيلها وتمثيل كافه المكونات المنطقه فيها هذه الادارة...

مهمة بوتين الرئيسية عام 2020 الإعتراف بالإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال شرق سوريا

  /موسكو: نوس سوسيال/ علمت نوس سوسيال من مصدر رسمي رفيع المستوى في الحكومة الروسية  أن روسيا ستستمر في العام الجديد، في تعزيز موقعها كدولة قوية، وستواصل حل التحديات التي تواجهها وذلك وفقا لاستراتيجيتها السياسية. في  عام 2019 ، تمكنت روسيا من إجبار الكثيرين على التحدث عنها، وتعتزم مواصلة فرض "رؤيتها وأسلوبها"، مما سيعزز الوجود الروسي في الساحة الدولية. وأشارت اشارت نوس سوسيال إلى أن الرئيس فلاديمير بوتين أعلن ذلك خلال كلمته بمناسبة الاحتفال بالعام الجديد. ووفقا لنوس سوسيال يواجه الكرملين العديد من الأسئلة والمسائل التي يتوقع حدوث تقدم كبير فيها. على سبيل المثال، يستمر الدفء بالتسلل تدريجيا إلى العلاقات بين كييف وموسكو: لقد كانت المفاوضات متوقفة منذ عام 2016، لكن صعود فلاديمير زيلينسكي إلى السلطة غير ميزان القوى. ونتيجة لذلك، في 29 ديسمبر الماضي، تمت عملية لتبادل الأسرى والسجناء بين أوكرانيا ودونباس، بعد التبادل الأول الذي جرى في 7 سبتمبر. وأكد المصدر الحكومي على أن روسيا ورغم منح سلطات كييف المجال للمناورة، أكدت أنها "لن تبدأ أي مفاوضات بشأن شبه جزيرة القر...

تنويه / نوس سوسيال تحقق سبقا صحفيا في الاشارة على قياة وتواجد سليماني بالقرب من السفارة الأمريكية

بتاريخ 31 من كانون الأولا المنصرم نشر موقعنا خبرا عن الهجوم على السفارة الامريكية في بغداد وكنا قد ذكرنا ان من ضمن المشاركين في القيادة الميدانية للهجوم الخزعلي الذي يتلقى أوامره من قاسم سليماني وعلى مرأى مراسل نوس سوسيال في بغداد ومسمعه حيث كان بالقرب بضعة أمتار من سيارة اللواء قاسم سليماني المتنكر في لباسه وهو يعطي آوامره للخزعلي عبر الهاتف  الجوال قائلا اسمع ياخزعلي إياكم أن تتراجعوا أحرقوا أبواب السفارة واقتحموها ودمروا وأحرقوا كل شئ فيها وذكرمراسلنا ان سليماني يتنقل بشكل دائم بين العراق وسوريا ولبنان لقيادة العمليات العسكرية بذلك يكون موقعنا نوس سوسيال قد حقق سبقا صحفيا في نشر كل أخباره الميدانية بصدق وامانة صحفية فاقتضى التنويه