التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بيروت:نوس سوسيال لقاء أجراه اسكندر داغر/ باسمة بطولي… كل لوحة من لوحاتها قصيدة شعرية





لقاء الجديد الذي تم مع الشاعرة والرسامة باسمة بطولي في رحاب «الحركة الثقافية – انطلياس»، كانت له نكهة خاصة، وذلك بمناسبة صدور كتابها الجديد، وبالتالي ألبومها التشكيلي «أصداء بصرية» الذي يضم مجموعة كبيرة من لوحاتها الفنية المختارة، التي رسمتها على مدى ممارستها لهذا الفن الجميل. باسمة بطولي تكتب الشعر وكأنها ترسم… وترسم وكأنها تكتب الشعر… فهي تارة تعبّر بالكلمات وطوراً تعبّر بالالوان، وهنا تكمن اهميتها. حين نقرأ قصيدتها يخيّل الينا وكأننا نشاهد احدى لوحاتها، وحين نتأمل لوحتها نمتلىء بالشعر. هكذا يتم التواصل بيننا وبينها، بيننا وبين الشعر والالوان، بين الكلمة والصورة، بشكل ولا اجمل. فهي تعرف تمام المعرفة، مدى تداخل وتكامل الفنون بعضها بالبعض الآخر. أليس في قصيدة الشعر المتوهجة مثلاً، رؤى وأصداء، حب وذكرى، الوان وموسيقى… أوليس العكس هو الصحيح ايضاً في اللوحة التشكيلية؟ وعلى هامش صدور الكتاب – الألبوم «أصداء بصرية» عقدت ندوة حوله، وهنا بعض ما قيل فيه.
من خلال اعمال باسمة بطولي المعروضة في الكتاب، تَبين للفنانة التشكيلية لينا كيليكيان، كم من الصعب الفصل بين شعر باسمة المرسوم ورسم باسمة المكتوب، فهي اتقنت منذ البدايات، فن الرسم بالكلمات، وكتابة الشعر بالريشة. فجعلت المتذوق يقرأ الشعر المرسوم بمخيلة عابرة لكل حدود.
قاسم مشترك واحد
ترى لينا كيليكيان، ان نحلل لوحات باسمة من ناحية تقنيات الرسم واستعمال الالوان ومزجها ليس بالامر الصعب. لانه يظهر بوضوح تام تمكنها من تطويع الريشة والالوان لتترجم الفكر في لوحة.
اما التحدي – حسب رأيها – فيكمن في تحليل محتوى اللوحات التي يجمع بينها قاسم مشترك واحد، بالرغم من كل التنويع في المشاهد والشخصيات والتعابير. وهذا القاسم، هو ان لوحاتها جميعها تشكل مجموعة نوافذ للاطلالة على ما يمكن تشبيهه ببوابات العبور، تمهيداً للرحلة البصرية الخيالية التي تعرف اين تبدأ ولا تعرف اين تنتهي. فاتجاه الرحلة يختلف بين شخص وآخر، لكن نقطة الانطلاق واحدة.
العيون مرآة الروح
لفتت لينا كيليكيان الى ان الشخصيات معظمها من النساء ذات الملامح المبهمة، لتزيد من الغموض، ولتدفع بجرأة المتذوق الى استكمال اللوحة في مخيلته… فالحس المرهف بالانوثة لدى باسمة بطولي يجعلها تتقن لعبة اظهار او اخفاء الملامح، لتترك المجال الواسع للايحاء بالشيء الجميل والطاهر، الذي لو حدّد بتفاصيل دقيقة، لفقد الكثير من رونقه الخيالي. حتى نظرات النساء فهي خجولة، خاشعة، تتجنب التحديق، لترمي نظراتها الى ذلك المكان البعيد حيث كل شيء عذب وجميل ورقيق. وبما ان مرآة الروح هي العيون، عرفت باسمة بطولي، كيف تعكس روح شخصياتها ووهجها في اللوحات القليلة التي رسمت فيها عيوناً شاخصة تختزل في نظراتها عمق الفكرة او ملامح الشخصية المجسّدة في اللوحة.
  اما الطبيعة في اعمال باسمة بطولي – كما ترى لينا كيليكيان – فهي جزء لا يتجزأ من فلسفتها البصرية، بحيث لا تكتمل اللوحة اذا ما فقد التواصل مع الطبيعة، كما تجسدها بمختلف تكاوينها.
الكتابة في الرسم
الدكتورة غادة السمروط استهلت كلامها بالقول، ان تكتب في الرسم يعني انك تكتب في حضرة الريشة والماء واللون، في انغماسها وانعصارها وذوبانها، في قيودها وتمردها وحريتها، في كيميائها وفيزيائها وهندستها. الى ما هنالك مما تراه العين، ومما لا تراه. ويعني انك تكتب في لوحة هي عالم بصري وفكري في آن. اما ان تكتب في الرسم عند باسمة بطولي، فيعني انك تكتب في حضرة الرسم والشعر معاً، رسماً وشعراً يختصرهما عنوان ألبومها «أصداء بصرية». واذا كانت الشاعرة الرسامة ارادت الحديث اليوم عن الرسم فقط، فهي لم تستطع الغاء القنوات بينه وبين الشعر.
كما في تجربة صوفية
تشير غادة السمروط، الى ان «الاصداء» جمع «صدى»، والصدى هو الصوت ورجعه، هو قصيدة تتردد اصداؤها في المسامع. وقبل ان يكون كلمة مقروءة، كان الشعر عند العرب سمعياً يردده الناس في المجالس، فيتردد في آذانهم صوتاً واصداء صوت. ويردّنا الصدى الى النداء، فهو إذاً منادٍ ومنادى، وصوت في مدى بينهما. اما ان يكون هذا الصدى بصرياً، فهو يأخذنا من الأذن الى العين، من المنادي الى الرأي، من الصوت الى الصورة، اي من القصيدة الى اللوحة تنعكس الواحدة في الاخرى، وتروح الشاعرة المنادية الرائية في انعكاسهما تترنح في الابيات والالوان، تنقبض وتنبسط محدثة وميضاً يأخذك الى اوج ما يصل اليه الرسم والشعر، يأخذك الى قمة الفن العميقة، والى حميمية القصيدة الروحانية، تترددان فيك أصداء مرئية وخفية، محسوسة ومجردة، صوتاً ورجع صوت، صورة وانعكاساتها صور في النفس وألق في الروح. فترى نفسك في محاولة لكشف ما تكتنزه وتسرّه اللوحة/القصيدة، او الصدى/الصورة، واذا بك تجوب انعكاس القصيدة واللوحة والرسامة والشاعرة في مرآة ثلاثية الابعاد، يتماهى فيها السمع والبصر، والسامع المنادي المبصر، يتماهى فيها المخلوق مع الخالق، كما في تجربة صوفية بحتة.
عينان تختزلان الانسان
وترى غادة السمروط، ان اول ما يأخذك في هذه الاصداء البصرية عينان مغرورقتان نوراً واخضراراً ونقاءً، عينان هما كما اسمتهما الرسامة «نافذتان»، نافذتان تطلان على العالم الداخلي والخارجي، هما مرآة تعكس الواحد في الآخر، تعكس صدى البصيرة في اللوحة. عينان هما هوية الشاعرة واسمها، ألم تغنّ فيروز: «عينينا هني أسامينا»؟ نعم! هما العينان تختزلان الانسان كله، هما ايضاً «عين الماء» و«عين الشمس»، بل تعايش الماء والضوء، الماء والنار في العين، في الانسان. يتبدّى هذا التعايش عند باسمة بطولي في لوحتها «المياه المحترقة»، فالمياه التي تطفىء النار تحترق ايضاً بها، لتعود وتنبعث مصفاة مطهرة، ذلك هو حلم الرسامة يتردد في ارجاء المرآة/اللوحة والقصيدة.
حب وحنان وأنوثة
تطل هاتان العينان – كما ترى غادة السمروط – على محورين توزعت بينهما لوحات الألبوم: الاول في الوجود والحياة، نرى فيه آدم وحواء منذ خروجهما من الجنة، من النور الفردوسي، نراهما في مسيرة الحياة في الارض، بما فيها من حب واسئلة يطرحها الانسان في مواجهة مع الكون، والثاني يصور مسيرة الألم والتطهّر تحمل توقاً وسعياً الى النور، مسيرة تبرز فيها شخصيات انثوية يظهرن كقديسات موشحات طهراً وصفاء. وفي هذا دائرية «الأصداء» عند باسمة بطولي. هذه الدائرية واقع يتجلى ليس فقط في موضوعات اللوحات، بل في تقنيتها ايضاً. أنت لا تعثر في اللوحة عندها على خطوط حادة منكسرة او متقطعة، ولا على زوايا قائمة، بل على خطوط منحنية مقوّسة وشبه دائرية، تشير الى خفقة جانح، وتمايل غصن، وهبة نسيم، وضمة حبيب، وغمضة جفن، وغيرها من منحنيات الحب والحنان والانوثة والصفاء.
اللوحة المرآة
وخلصت الدكتورة غادة السمروط الى القول: فكيفما قلبت بصرك في لوحات باسمة بطولي ترى نفسك مشدوهاً بما يرتسم امام العين، تدخل في تقاسيم اللوحة وتضاريسها، تعبر حدودها، وشيئاً فشيئاً، ترى نفسك تستسلم الى زوبعة عاصفة لطيفة تعبرك وتعبر بك الى نبض يختلج فيك، الى روح تستيقظ في قلبك، تسافر على متنها، فتحط بك على شاطىء النور حيث السلام والسعادة، فيعبرك الحب وتشعر كأنك الكون كله، او كأن الكون دخل فيك. ذلك هو تماهي الداخل بالخارج، والخارج بالداخل، البعض بالكل، والكل بالبعض، تدرك عندها انها نسمة صوفية تهب من نور اللوحة تلاطف الروح. ذلك هو فعل اللوحة المرآة تعكس بهاء الخالق في خلقه. لقد نجحت باسمة بطولي في لوحاتها وشعرها ان تزاوج بين ضوئها الداخلي وضوء اللون والكلمة لتجتاز ليل الحياة، وتخط وميضاً في سمائه، وميضاً استطاعت من خلاله ان تسكن، ولو لحظوياً، قلب الخلود، كما يقول رينه شار.
اسكندر داغرOdnoklassnikiPocket

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بقلم: هدية علي عضو ديوان المجلس التشريعي لاقليم الجزيرة / الخط الثالث هو المشروع الديمقراطي لبناء سوريا الجديدة

بقلم: هدية علي - سوريا عضو ديوان المجلس التشريعي في اقليم الجزيرة ان الاحداث التي تشهدها سوريا والمنطقه هي.دراماتيكيه متسارعه والقوى التي تدير العالم مثل امريكا وروسيا والصين التي تلعب دور الخافي والقوى الاقليميه والقوى السوريه مثل النظام والمغارضه ومشروعنا الديمقراطي الذي انتهج الخط الثالث الذي لعب الدور المنقذ للشعب والكل له حساباته واجنداته وتحالفه والمشاريع لدى القوى المحليه والثانيه هي مشروع النظام هو هدفه اعادة السيطرة على كامل المناطق واعادة سوريا الى ماقبل ٢٠١١وقوى المعارضه التي قد تكون اسلاميه راديكاليه والاخوانيه وبعضها تبني الفكر السياسي الاسلامي والمعاداة والخط الثالث الذي هو المشروع الديمقراطي المبني على الادارات الذاتيه الديمقراطيه هدفنا هو ان نحمي مناطقنا من الدمار والفوضى والثاني. هو بناء سوريا المستقبل في ظل نظام استبدادي شمولي هذا المشروع الديمقراطي الذي ومنذ السنوات الاولى وحتى الان حقق انجازات كبيرة على الاصعدة .السياسية والدبلوماسية والعسكرية والخدميه بدء من المجالس والكومينات ووصولا الى الهيئات الادارة وتشكيلها وتمثيل كافه المكونات المنطقه فيها هذه الادارة...

مهمة بوتين الرئيسية عام 2020 الإعتراف بالإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال شرق سوريا

  /موسكو: نوس سوسيال/ علمت نوس سوسيال من مصدر رسمي رفيع المستوى في الحكومة الروسية  أن روسيا ستستمر في العام الجديد، في تعزيز موقعها كدولة قوية، وستواصل حل التحديات التي تواجهها وذلك وفقا لاستراتيجيتها السياسية. في  عام 2019 ، تمكنت روسيا من إجبار الكثيرين على التحدث عنها، وتعتزم مواصلة فرض "رؤيتها وأسلوبها"، مما سيعزز الوجود الروسي في الساحة الدولية. وأشارت اشارت نوس سوسيال إلى أن الرئيس فلاديمير بوتين أعلن ذلك خلال كلمته بمناسبة الاحتفال بالعام الجديد. ووفقا لنوس سوسيال يواجه الكرملين العديد من الأسئلة والمسائل التي يتوقع حدوث تقدم كبير فيها. على سبيل المثال، يستمر الدفء بالتسلل تدريجيا إلى العلاقات بين كييف وموسكو: لقد كانت المفاوضات متوقفة منذ عام 2016، لكن صعود فلاديمير زيلينسكي إلى السلطة غير ميزان القوى. ونتيجة لذلك، في 29 ديسمبر الماضي، تمت عملية لتبادل الأسرى والسجناء بين أوكرانيا ودونباس، بعد التبادل الأول الذي جرى في 7 سبتمبر. وأكد المصدر الحكومي على أن روسيا ورغم منح سلطات كييف المجال للمناورة، أكدت أنها "لن تبدأ أي مفاوضات بشأن شبه جزيرة القر...

تنويه / نوس سوسيال تحقق سبقا صحفيا في الاشارة على قياة وتواجد سليماني بالقرب من السفارة الأمريكية

بتاريخ 31 من كانون الأولا المنصرم نشر موقعنا خبرا عن الهجوم على السفارة الامريكية في بغداد وكنا قد ذكرنا ان من ضمن المشاركين في القيادة الميدانية للهجوم الخزعلي الذي يتلقى أوامره من قاسم سليماني وعلى مرأى مراسل نوس سوسيال في بغداد ومسمعه حيث كان بالقرب بضعة أمتار من سيارة اللواء قاسم سليماني المتنكر في لباسه وهو يعطي آوامره للخزعلي عبر الهاتف  الجوال قائلا اسمع ياخزعلي إياكم أن تتراجعوا أحرقوا أبواب السفارة واقتحموها ودمروا وأحرقوا كل شئ فيها وذكرمراسلنا ان سليماني يتنقل بشكل دائم بين العراق وسوريا ولبنان لقيادة العمليات العسكرية بذلك يكون موقعنا نوس سوسيال قد حقق سبقا صحفيا في نشر كل أخباره الميدانية بصدق وامانة صحفية فاقتضى التنويه