التخطي إلى المحتوى الرئيسي

نحن لا نكره الولايات المتحدة الامريكية


شكري شيخاني - سوريا
إذا كان هذا هو العنوان فلابد بالبداية أن نقول من هم أعداء الولايات المتحدة الأمريكية؟ وإن كان هذا السؤال لا يبدو ساذجاً في ظروف تصر فيها الولايات المتحدة كإدارة ونظام حكم على انتهاج سياسة الحروب الاستباقية التي تزيد من حالة العداء لها في العالم العربي والإسلامي على وجه الخصوص كنظام وللشعب الأمريكي الرافض أصلاً لسياسة حكومته جملة وتفصيلا, فضلاً عن أن مثل هذه السياسات الحكومية الأمريكية تشكل استهداف لشعوب المنطقة متجاوزة القوانين الدولية وشرعة الأمم المتحدة, وأي منطق متحضر أو أعراف أخلاقية. وربما يذكرنا في هذا السياق سؤال الرئيس دبليو بوش في أحد خطبه ( لماذا يكرهوننا) لاسيما في الحالتين الراهنتين العراقية والفلسطينية والحالة الثالثة في جملة الضغوط المتزايدة على سوريا ولبنان ومع كل هذا يتساءل رئيس النظام الأمريكي لماذا يكرهوننا؟؟ وهنا جاء السؤال وهو بصيغة الجواب من هم أعداء الولايات المتحدة للمرة الثانية؟ هل هم العرب والمسلمون مثلاً؟ هل الفيتناميين وهم يبعدون مئات الأميال عن الأرض الأمريكية. أم هم الملايين من الأوروبيين الذين خرجوا للشوارع غاضبين منددين بالسياسة الأمريكية خلال فترة الإعداد للحرب الجائرة ضد الشعب العراقي, ألم يشاهد النظام الأمريكي خاصة والشعب الأمريكي بشكل عام ملايين المستنكرين لسياسة الولايات المتحدة وهم يحملون شعارات ( لا للحرب من أجل النفط ) وهل كانت الدول الدائمة العضوية وأعضاء مجلس الأمن . أعداء الولايات المتحدة, حين أصرت هذه الدول على عدم منح أية شرعية للحرب الأمريكية على العراق؟
وربما يسأل مواطن أمريكي أو أوروبي, هل كانت حاملات الطائرات العراقية أو الأفغانية أو الفيتنامية تجوب المياه الإقليمية للشواطئ الأمريكية؟ وهل كان الرئيس الفرنسي جاك شيراك
( عندما كان ضميره مستيقظا؟؟) عدوا للولايات المتحدة ..كي ينال أقذع الشتائم في وسائل الإعلام الأمريكية؟ لأنه رفض الحرب على العراق؟
ثم ..هل كانت الأغلبية الساحقة من بني البشر وخاصة أبناء الأمة العربية والإسلامية الذين رفضوا السياسات الأمريكية المنحازة إلى جانب السياسات الإسرائيلية الإجرامية تجاه الشعب الفلسطيني. أم الذين رفضوا الحرب الظالمة على العراق قبل وقوعها أعداء للولايات المتحدة؟ وهل إن العراقيين الذين يعيشون في بلادهم والتي تقع على مسافة ألف ميل عن الولايات المتحدة كانوا يشكلون تهديدا على الأمريكيين؟ وبالتالي فان من المؤكد أن العراقيين لم يرسلوا أبناءهم للقتال في شوارع واشنطن ونيويورك وقتل الشعب الأمريكي؟ وهنا وصلنا إلى سؤال البداية من هم أعداء الولايات المتحدة, الذي يستدعي سؤالاً أهم , وهو من هم أصدقاء الشعب الأمريكي هل هم الذين ربطوا أمريكا بحرب كارثية. ومن يبكي أهالي الجنود الأمريكيين الذين يقتلون على أرض غريبة ليس بينهم وبين أصحاب هذه الأرض أي عداوة تاريخية سوى اللهم طمع وجشع الحكام الأمريكيين أنفسهم. ومن يفقد الأبناء على أرض العراق إنهم الآباء والأمهات الأمريكيين وحدهم وليس شارون أو بلير أو ثاباتيرو أو بوش وبطانته؟؟.
أسئلة عديدة يمكن أن تطرح في هذا السياق أيضاً. فهل كان الصوماليون أعداء لأمريكا في يوم ما ؟ وهل إن الحرب في أفغانستان قد توقفت وأن الشعب الأفغاني يعيش الآن في بحبوحة وسعادة ورخاء؟ وهل كان اللبنانيون أعداء للولايات المتحدة حين تدخل المار ينز عام 1982 لدعم الغزو الصهيوني؟ تحضرنا هنا مقولة أن الأحمق عدو نفسه؟؟
فكيف يكون الحال بالنسبة للساسة حين يخططون حروبهم اللاشرعية؟ فمن المسؤول عن إعلان الرئيس بوش قبل عامين عن انتهاء العمليات الحربية في العراق ثم ليتراجع عنها بعد فترة وجيزة ويعلن بأن جنوده يواجهون حربا حقيقة في العراق لا زالت مستعرة إلى حين كتابة هذه الكلمات وستبقى ما بقي الاحتلال موجودا. ثم من المسؤول عن تخبط الرؤوس الكبيرة داخل إدارة القوة العظمى والوحيدة في العالم؟ هل المسؤول هم أولئك الذين وقفوا يدافعون عن أنفسهم وعن بلادهم أم أولئك الذين سوغوا الأعذار الكاذبة لإرسال عشرات الألوف من الجنود الأمريكيين إلى العراق تحت ذريعة إقامة تحالف دولي كاذب.
وبالمقابل لماذا يصر الرئيس الأمريكي على القول: إننا لن نهرب من العراق؟ وهنا يحق لنا التساؤل لماذا يدافع هذا البوش بحماسة كئيبة عن سياساته العوجاء والهوجاء في العراق؟
لقد بينت الوقائع والأحداث بأن الحرب الأمريكية على العراق أرضاً وشعباً كانت حرباً خاطئة بكل المقاييس وأثبتت هذه الحرب ضرورة أن تعيد واشنطن حساباتها بدلاً من الاستعداد وعزف النشيد الأمريكي عند استقبال مئات الجثث من أبناء الشعب الأمريكي الذين يقتلون على الأرض العراقية . وفي المستقبل المنظور ربما يستقبل الشعب الأمريكي الآلاف من جثث أبناءه؟
وهنا وصلنا إلى الداخل الأمريكي والى حالة مهمة جدا وهي هل إن نسبة ال33 % من الجنود الأمريكيين الذين رفضوا الحرب وأصيبوا بانهيارات عصبية ونفسية وتدنت الحالات المعنوية إلى درجة الصفر عند هؤلاء هل يعني هذا أنهم أعداء للولايات المتحدة. أم أن هؤلاء الشبان اكتشفوا وفي وقت مبكر عدة الشرعية لهذه الحرب المجنونة وحقيقة أن ذهابهم إلى العراق ليس نزهة كما يصورها لهم أدعياء الحرب؟؟
من الذي يعزي الأم الأمريكية التي تفجع بمقتل ولدها في العراق ؟
مرة أخرى من هم أعداء الولايات المتحدة الأمريكية؟ من هم الذين يسيئون إلى سمعتها والى مكانتها ودورها الحضاري والعلمي والأخلاقي؟ من المؤكد ليس الجائع الصومالي وليس المواطن العراقي الذي حوصر أعواما طويلة. بل من يفعل ذلك سياسة الإدارة الخاطئة وأوهامها وحساباتها وإصرارها على احتلال وإذلال الشعوب التي تتمسك بحريتها وكرامتها وسلامة أوطانها

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تاريخ دساتير سوريا

تاريخ دساتير سوريا    المعدلة – حسن ظاظا - تاريخ دساتير سوريا المرنة : بعد انسحاب العثمانيين من سوريا في 1 أكتوبر 1918 شكلت حكومة وطنية برئاسة علي رضا الركابي، وفي مايو 1919 وبناءً على اقتراح الأمير فيصل جرى عن طريق الناخبين الثانويين الذين انتخبوا نواب مجلس المبعوثان العثماني في إسطنبول عن ولايتي دمشق وحلب وفق القانون العثماني انتخاب أعضاء "المؤتمر السوري العام" أما في سائر مناطق بلاد الشام والمشمولة بولاية الحكومة نظرياً فقد اكتفي بعرائض وقّع عليها الأهالي لاختيار الممثلين، وفي 19 يونيو 1919 عقد المؤتمر السوري العام أول جلسة له وانتخب محمد فوزي باشا العظم رئيساً له وبعد اعتكاف هذا الأخير أصبح هاشم الأتاسي رئيساً للمؤتمر، وفي 8 مارس 1920 أعلن المؤتمر دون التنسيق مع الحلفاء "استقلال سوريا" وأعلن قيام المملكة السورية العربية وعيّن فيصل الأول ملكاً عليها، غير أن هذا الكيان لم يحظ بأي اعتراف دولي، رغم ذلك فقد شكل المؤتمر لجنة خاصة برئاسة هاشم الأتاسي مهمتها صياغة دستور المملكة وجاء الدستور باثني عشر فصلاً و147 مادة، ومن أهم ما جاء فيه أن سوريا "ملكي

بيروت: نوس سوسيال/ حوار مع الاعلامية كابي لطيف: قدري أن أكون في لبنان… شبعت غربة

  بيروت: نوس سوسيال                              حوار جومانا نصر قالوا «كابي لطيف في بيروت». وهل ثمة تردد في ملاقاة هذا الوجه الاعلامي الساحر الذي اشتقنا الى صوته وخبراته؟ في حضورها وهج ما يأسرك وينقلك من حيث لا تدري الى زمن الأبيض والأسود حيث كان للأصالة الاعلامية مساحة ولتلفزيون لبنان واذاعة بيروت كل العز. حنينها الى «بيروت» لم يخفت، لكن مجرد أن تطأ كابي لطيف مسرح طفولتها ومراهقتها وشبابها الذي تفتح مع أزيز القذائف، تخلع عنها رداء المهنة وتعود تلك المراهقة العاشقة لعاصمة لم تخلع يوماً رداءها. من فندق «لو غبريال» في منطقة الأشرفية حيث أقامت كابي لطيف أثناء زيارتها لبنان، كان هذا اللقاء الآسر كما صوتها الاذاعي… عشقها للوطن لا يوازيه عشق. مع ذلك تراها تعيش الغربة من دون ان تغفل مناسبة على الوطن الذي احبته حتى المسامحة. في زيارتها الأخيرة كانت المفكرة مليئة بمواعيد وطاولات مستديرة: وزير الثقافة غابي ليون، وزير الاعلام وليد الداعوق، شخصيات سياسية وفكرية… ولأن الوطن كان وسيبقى الهاجس الأول في مسيرة حياتها المهنية وحتى الشخصية، كان لبنان الفرح والحياة هو العنوان لسلسلة حلقات إذا

لسيرة الذاتية للكاتبة سهير القلماوي مصرية المولد وكردية الأصل

وأول من قامت بإنشاء أول مكتبة في صالة مسرح الأزبكية والتي تقوم فيها ببيع الكتب بأرخص سعر إنها الكاتبة الكبيرة سهير القلماوي. حياتها ونشأتها لدت الكاتبة سهير القلماوي في القاهرة  من اب كردي وأم كردية الاصل مصرية الموطن   وكان ذلك في عام 1911، تربت وسط أسرة مثقفة تفتخر بالعلم وتقدره، كانت كاتبتنا تحب الإطلاع والقراءة حيث أن والدها كان يحب الكتب ولديه مكتبة ضخمة ذخيرة بكتب معظم الكتاب الذين لهم صيت عالي وعلى رأسهم رفاعة الطهطاوي، ابن إياس، طهحسين واستطاعت سهير القلماوي من خلال هذه الكتب تكوين موهبتها وشخصيتها الأدبية. في حلول عام 1919 تأثرت كاتبتنا بالنساء المصريات اللواتي قامن بالمشاركة في ثورة 1919 ومن أمثالهن صفية زغلول وهدى شعراوي وكانت هذه هي المرة الأولى التي تشارك فيها السيدات في الثورات، كانت سهير القلماوي ترغب في دراسة الطب إلا أن تم عدم قبولها وفي عام 1928 تخرجت من الكلية الأمريكية للفتيات إلا أنها قامت بتكريس حياتها في دراسة الأدب العربي وكان والدها يشجعها على  ذلك نجدها تعلمت الإرشاد واللغة العربية على يد الدكتور طه حسين الذي كان يرأس قسم اللغة ا