التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بقلم:آلدار خليل سيا سي كردي سوري / تركيا المريضة بِداء أردوغان..



ترك العثمانيون حقبة سوداء وراءهم بعد فترة حكم في المنطقة دامت لقرابة أربعة قرون؛ التي اتسمت بالإبادة الدينية، العرقية، الثقافية وحتى السكانية تحت شعار “الدين”. وبحجة تحقيق الاستقرار حدثت العديد من المذابح التي لا تزال محفورة في ذاكرة وتاريخ المنطقة ومنها ما حدث في آمد وديرسم المجازر التي توسعت لتشمل كل المسيحيين في المنطقة وعلى رأسهم السريان والأرمن ومذابحهم المعروفة وأيضاً ما حصل بحق العرب وفي المقدمة عمليات التتريك والصهر في بوتقة الدولة العثمانية.
غزا العثمانيون مصر بذريعة الدفاع عن الدين الإسلامي والشريعة. لكن؛ كانت أهدافهم غير ذلك تماماً، حيث قاموا أيضاً بعمليات الصهر والإبادة ومحاربة الثقافة ووصلت بهم الأمور لاقتحام الأزهر الشريف بالرغم من رمزيته العريقة، وكذلك مذبحة الجوازي التي لا تزال حية والتي قام بها العثمانيون قبل 200 عام في بنغازي بليبيا وراح ضحيتها بالآلاف؛ ناهيكم عن الإعدامات التي قام بها جمال باشا السفاح في سوريا ولبنان وغيره من السلاطين.ما يفعله أردوغان اليوم بإصراره على إعادة الهيمنة العثمانية ليست إلا رغبة لإحياء صيتها السيء وممارساتها بشكل عملي، لا بل يقوم بأفعال أسوأ منها، حيث في إطار المقارنة التاريخية ما فعلتها داعش يتطابق تماماً مع ممارسات العثمانيين بشكل علمي وعملي وكذلك ممارسات أردوغان تتطابق مع الاثنين تماماً مع تجاوز أردوغان للسوء أكثر كما ذكرنا. لذا؛ فإنه ومع كل هذه المدة من الحكم والهيمنة؛ فقد شهد بدايات عام 1900 تراجعاً للدور العثماني وبدأت مرحلة السقوط والانهيار وتخلص العالم من هذا الوباء الذي لازم المنطقة وعاث فيها فساداً ودماراً. وبالرغم من أن ذلك التاريخ لم تنساه الشعوب؛ فإن أردوغان اليوم يعمل على إعادة ذلك بكل فخرٍ.
لطالما نتحدث عن التطابق العملي لأفعال أردوغان مع الحقبة العثمانية البائدة وإنه أسوء منها؛ فإن أردوغان أيضاً يختار الانهيار والسقوط بعد كل ما فعله في المنطقة ولا زال مستمراً، حيث إن أحد الأسباب الرئيسية لسقوط العثمانية وهي ذاتها التي ستسقط أردوغان؛ تلك المجازر التي تمت بحق أهالي وشعوب المنطقة، فكما أحيت العثمانية كل ما يخلق العداء بينها وبين الشعوب؛ يعمل أردوغان اليوم ويسلك في الاتجاه ذاته؛ ما يؤكد بأنه سيكون أمام النتائج ذاتها حتماً وبشكل أفظع.
بالرغم من مذابح العثمانيين وبطشهم إلا إنهم حاولوا الحفاظ على العلاقة مع الكرد، حيث حافظ العثمانيون على نفوذهم في المراحل التي كان هناك تحالف بين العثمانيين والكرد؛ بالرغم من استغلالهم السيء للتحالفات. لكن؛ اليوم أردوغان لا يمارس الاستغلال والبطش فحسب، وإنما ينسف كل شيء ويسعى للإبادة دون هوادة؛ لا بل يُحيي بالوسائل المتبعة اليوم العداء التاريخي مع الكرد وغيرهم ويغلق كل سُبل اللقاء وحتى يلغي التعايش المشترك للشعوب على الأقل بين الكرد والأتراك ليثبت إنه أسوأ من العثمانيين ذاتهم، ويؤكد بأن ما حصل للكرد في آمد وديرسم وللسريان والأرمن والعرب وغيرهم في المنطقة سيكرره هو في أي مكان يعلو فيه إرادة هذه الشعوب وبشكلٍ أفظع؛ فهذه الممارسات بمثابة قرار له نحو الانهيار وانهيار أركان نظامه وتوجهه نحو مأزق لا نجاة فيه بعدما لطّخ تاريخ حكمه في المنطقة بالدم والغطرسة والإبادة ودعم الإرهاب. أما على الصعيد التركي؛ فممارسات أردوغان ليست في خدمة تركيا لا شعباً ولا مستقبلاً؛ ذلك أنّ الصمت الداخلي أمام أردوغان يخلق استياءً شعبياً عالمياً من الشعب التركي ذاته الذي لا بد أن يؤكد بأنه بريء من هذا المسلك والتوجه بأي شكلٍ من الأشكال.
آلدار خليل : سياسي كردي سوري

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تاريخ دساتير سوريا

تاريخ دساتير سوريا    المعدلة – حسن ظاظا - تاريخ دساتير سوريا المرنة : بعد انسحاب العثمانيين من سوريا في 1 أكتوبر 1918 شكلت حكومة وطنية برئاسة علي رضا الركابي، وفي مايو 1919 وبناءً على اقتراح الأمير فيصل جرى عن طريق الناخبين الثانويين الذين انتخبوا نواب مجلس المبعوثان العثماني في إسطنبول عن ولايتي دمشق وحلب وفق القانون العثماني انتخاب أعضاء "المؤتمر السوري العام" أما في سائر مناطق بلاد الشام والمشمولة بولاية الحكومة نظرياً فقد اكتفي بعرائض وقّع عليها الأهالي لاختيار الممثلين، وفي 19 يونيو 1919 عقد المؤتمر السوري العام أول جلسة له وانتخب محمد فوزي باشا العظم رئيساً له وبعد اعتكاف هذا الأخير أصبح هاشم الأتاسي رئيساً للمؤتمر، وفي 8 مارس 1920 أعلن المؤتمر دون التنسيق مع الحلفاء "استقلال سوريا" وأعلن قيام المملكة السورية العربية وعيّن فيصل الأول ملكاً عليها، غير أن هذا الكيان لم يحظ بأي اعتراف دولي، رغم ذلك فقد شكل المؤتمر لجنة خاصة برئاسة هاشم الأتاسي مهمتها صياغة دستور المملكة وجاء الدستور باثني عشر فصلاً و147 مادة، ومن أهم ما جاء فيه أن سوريا "ملكي

بيروت: نوس سوسيال/ حوار مع الاعلامية كابي لطيف: قدري أن أكون في لبنان… شبعت غربة

  بيروت: نوس سوسيال                              حوار جومانا نصر قالوا «كابي لطيف في بيروت». وهل ثمة تردد في ملاقاة هذا الوجه الاعلامي الساحر الذي اشتقنا الى صوته وخبراته؟ في حضورها وهج ما يأسرك وينقلك من حيث لا تدري الى زمن الأبيض والأسود حيث كان للأصالة الاعلامية مساحة ولتلفزيون لبنان واذاعة بيروت كل العز. حنينها الى «بيروت» لم يخفت، لكن مجرد أن تطأ كابي لطيف مسرح طفولتها ومراهقتها وشبابها الذي تفتح مع أزيز القذائف، تخلع عنها رداء المهنة وتعود تلك المراهقة العاشقة لعاصمة لم تخلع يوماً رداءها. من فندق «لو غبريال» في منطقة الأشرفية حيث أقامت كابي لطيف أثناء زيارتها لبنان، كان هذا اللقاء الآسر كما صوتها الاذاعي… عشقها للوطن لا يوازيه عشق. مع ذلك تراها تعيش الغربة من دون ان تغفل مناسبة على الوطن الذي احبته حتى المسامحة. في زيارتها الأخيرة كانت المفكرة مليئة بمواعيد وطاولات مستديرة: وزير الثقافة غابي ليون، وزير الاعلام وليد الداعوق، شخصيات سياسية وفكرية… ولأن الوطن كان وسيبقى الهاجس الأول في مسيرة حياتها المهنية وحتى الشخصية، كان لبنان الفرح والحياة هو العنوان لسلسلة حلقات إذا

لسيرة الذاتية للكاتبة سهير القلماوي مصرية المولد وكردية الأصل

وأول من قامت بإنشاء أول مكتبة في صالة مسرح الأزبكية والتي تقوم فيها ببيع الكتب بأرخص سعر إنها الكاتبة الكبيرة سهير القلماوي. حياتها ونشأتها لدت الكاتبة سهير القلماوي في القاهرة  من اب كردي وأم كردية الاصل مصرية الموطن   وكان ذلك في عام 1911، تربت وسط أسرة مثقفة تفتخر بالعلم وتقدره، كانت كاتبتنا تحب الإطلاع والقراءة حيث أن والدها كان يحب الكتب ولديه مكتبة ضخمة ذخيرة بكتب معظم الكتاب الذين لهم صيت عالي وعلى رأسهم رفاعة الطهطاوي، ابن إياس، طهحسين واستطاعت سهير القلماوي من خلال هذه الكتب تكوين موهبتها وشخصيتها الأدبية. في حلول عام 1919 تأثرت كاتبتنا بالنساء المصريات اللواتي قامن بالمشاركة في ثورة 1919 ومن أمثالهن صفية زغلول وهدى شعراوي وكانت هذه هي المرة الأولى التي تشارك فيها السيدات في الثورات، كانت سهير القلماوي ترغب في دراسة الطب إلا أن تم عدم قبولها وفي عام 1928 تخرجت من الكلية الأمريكية للفتيات إلا أنها قامت بتكريس حياتها في دراسة الأدب العربي وكان والدها يشجعها على  ذلك نجدها تعلمت الإرشاد واللغة العربية على يد الدكتور طه حسين الذي كان يرأس قسم اللغة ا