التخطي إلى المحتوى الرئيسي

وثيقة الاجتماع السري.. الإخوان وإيران

العلاقة السياسية بين إيران منذ الثورة وبين جماعات الإسلام السياسي بدأت منذ وصول الخميني إلى سدة الحكم، أما اللقاء النظري فقد شدّت عروقه المفاهيم المشتركة العديدة قبلها بعقود.

المخزن الثوري الإيراني، حوى النظرية الإخوانية، هذه بدهية لأي قارئ في تاريخ الالتقاء بين النظام والجماعات. وما كانت الحكاية مجرد ترجمة رموز الحكم لمؤلفاتٍ لسيد قطب أو سواه من كبار المنظّرين، وإنما بتبني المفاهيم الراديكالية حتى العظم.

أما التأثير المتقطّع بين اليسار والإسلاموية الإيرانية يرصده بشكلٍ مفصل ولي نصر بكتابه المهم: «صعود قوى الثروة».

في عام 1997 طبعت في بيروت ترجمة عربية لكتاب: «إيران والإخوان المسلمون - دراسة في عوامل الالتقاء والافتراق» من تأليف: عباس خامة يار، وترجمة: خالد زيادة، ضم ثلاثمائة صفحة من الرصد والتحليل، يقول في فصلٍ من الكتاب بعنوان: «العلاقات بين الحركتين (الثورة الإيرانية والإخوان) قبل انتصار الثورة»: «تعود العلاقات بين الحركتين إلى فترة تاريخية بعيدة نسبياً، سبقت انتصار الثورة... فبالإضافة إلى الالتقاء الفكري والتعاون والانسجام الموجود بين الحركتين، إزاء قضايا العالم الإسلامي، أثر النشاط الإصلاحي للسيد جمال الدين الأسد آبادي، كذلك فإن ظهور ثوار ومصلحين واقعيين وحدويين، مثل آية الله الكاشاني وآية الله القمي ونواب صفوي من جهة، وحسن البنا وعمر التلمساني والشيخ شلتوت من جهة أخرى، أسهم في زيادة التقارب بين الحركتين في الأربعينات والخمسينات، والمهم هنا - يضيف المؤلف - أن العلاقة كانت قائمة بين الطرفين قبل ثورة 1952 في مصر وبعدها، ولم تتأثر بزعامة عبد الناصر وأصدائها في العالم العربي».

غير كتاب عباس خامة يار، ثمة مؤلفاتٍ أخرى، مثل: «إيران والإخوان علاقات ملتبسة» لفريدريك فرد هاليداي، وكتاب: «الإخوان المسلمون وإيران» لمحمد سعيد رصاص، وغيرها.

هذه المقدمة للتمهيد بأن العلاقة بين إيران والإخوان واشتراكهم بالأهداف ليس جديداً، وما كشفت التسريبات المنشورة في صحيفة The Intercept عن معلومات نوعية، أهميتها في الإثبات وبالوثائق ما نعرفه من قبل بالمعطى والتقصي... إنه التحالف الشرير بين الحرس الثوري ممثلاً بفيلق القدس وبين الإخوان المسلمين.

كشفت الوثائق عن اجتماع عقد في تركيا عام 2014. والهدف السعودية، ومنطقة الابتزاز هي اليمن. مضمون الاجتماع يقضي باستهداف الدولة السعودية ومحاولة إنهاكها عبر العمل مع الحوثيين والإخوان في اليمن.

لم يجد الإخوان المسلمون وسيلة لعداوة السعودية إلا واستخدموها، منذ حرب الخليج وحتى الضربات السعودية ضد الحوثيين الأولى، ومن ثم عاصفة الحزم لاحقاً: يروي هذا الموقف وغيره الأستاذ والباحث القدير عبد الله بن بجاد العتيبي ضمن بحثٍ مطول حول التنظيم وضمن فصلٍ حول: «السعودية ومكائد الإخوان»، وفي العام نفسه 2009، وحين واجهت السعودية اعتداءً مسلحاً من جماعة الحوثي التابعة لإيران على حدودها ودخلت معهم في مواجهة مفتوحة، انحازت جماعة الإخوان المسلمين ضد السعودية، وانحاز مرشد الإخوان المسلمين حينها مهدي عاكف إلى جانب إيران والحوثيين، وزعم في لقاء تلفزيوني أن السعودية تمول الرئيس اليمني حينذاك علي عبد الله صالح في حربه ضد الحوثيين، ثم أصدرت الجماعة بياناً انحازت فيه إلى الحوثيين ضد السعودية بما يحمل إدانة للسعودية، وتوالى رموز الجماعة كعصام العريان على نفس الموقف.

إن اجتماع تركيا بين الإخوان وذراع إيران لعلامة واضحة وبينة دامغة على إرهابهم وميليشيويتهم، مما اقتضى إصدار قانون بأمر ملكي «44 - أ» في عام 2014 يقضي بتجريم الانضمام إلى هذه الجماعة الشريرة المارقة، كما أن اختيار الموقع «تركيا» يأتي ضمن استراتيجية التنظيم في التنقل والترحال، فمنذ وصول الإسلام السياسي للحكم فيها باتت قبلة للهجرة الإخوانية في المنطقة، ولا غرابة أن يحضر الاجتماع السري محمود الإبياري، المعروف بإشرافه على خطط الهجرة من مصر إلى تركيا، فهذه المهمة من صلب ملفاته داخل التنظيم.

منذ سنوات والإخوان يجدون في تركيا ملاذاً آمناً، وعقدت أكثر الندوات تحريضاً على العنف والإرهاب بين مدنها وأريافها، ركب رموز الصحوة آنذاك خيول الزينة، وسلوا سيوفاً من ورق، بمقاطع تحرض على الذهاب إلى مناطق القتال والصراع، من دون اتخاذ السلطات هناك أي إجراءات قانونية ضد هذا التحريض الصارخ، ولنستعِدْ بنود لقاء: «سواعد الإخاء»، الذي جمع مئات الشباب الخليجي تحت مظلات التنمية، والنهضة، والتدريب، بينما هي محاضن للتربية على العنف.

الوثائق جاءت لتثبت، لا لتضيف، فالوقائع معروفة، الأهم أن نواجه هذه الحملات المسعورة من قبل التنظيمات، وألا نغفل عنها وعن أدوارها واستراتيجياتها، وأفضل سبل مواجهتها الحرب عليها بكل الوسائل.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تاريخ دساتير سوريا

تاريخ دساتير سوريا    المعدلة – حسن ظاظا - تاريخ دساتير سوريا المرنة : بعد انسحاب العثمانيين من سوريا في 1 أكتوبر 1918 شكلت حكومة وطنية برئاسة علي رضا الركابي، وفي مايو 1919 وبناءً على اقتراح الأمير فيصل جرى عن طريق الناخبين الثانويين الذين انتخبوا نواب مجلس المبعوثان العثماني في إسطنبول عن ولايتي دمشق وحلب وفق القانون العثماني انتخاب أعضاء "المؤتمر السوري العام" أما في سائر مناطق بلاد الشام والمشمولة بولاية الحكومة نظرياً فقد اكتفي بعرائض وقّع عليها الأهالي لاختيار الممثلين، وفي 19 يونيو 1919 عقد المؤتمر السوري العام أول جلسة له وانتخب محمد فوزي باشا العظم رئيساً له وبعد اعتكاف هذا الأخير أصبح هاشم الأتاسي رئيساً للمؤتمر، وفي 8 مارس 1920 أعلن المؤتمر دون التنسيق مع الحلفاء "استقلال سوريا" وأعلن قيام المملكة السورية العربية وعيّن فيصل الأول ملكاً عليها، غير أن هذا الكيان لم يحظ بأي اعتراف دولي، رغم ذلك فقد شكل المؤتمر لجنة خاصة برئاسة هاشم الأتاسي مهمتها صياغة دستور المملكة وجاء الدستور باثني عشر فصلاً و147 مادة، ومن أهم ما جاء فيه أن سوريا "ملكي

بيروت: نوس سوسيال/ حوار مع الاعلامية كابي لطيف: قدري أن أكون في لبنان… شبعت غربة

  بيروت: نوس سوسيال                              حوار جومانا نصر قالوا «كابي لطيف في بيروت». وهل ثمة تردد في ملاقاة هذا الوجه الاعلامي الساحر الذي اشتقنا الى صوته وخبراته؟ في حضورها وهج ما يأسرك وينقلك من حيث لا تدري الى زمن الأبيض والأسود حيث كان للأصالة الاعلامية مساحة ولتلفزيون لبنان واذاعة بيروت كل العز. حنينها الى «بيروت» لم يخفت، لكن مجرد أن تطأ كابي لطيف مسرح طفولتها ومراهقتها وشبابها الذي تفتح مع أزيز القذائف، تخلع عنها رداء المهنة وتعود تلك المراهقة العاشقة لعاصمة لم تخلع يوماً رداءها. من فندق «لو غبريال» في منطقة الأشرفية حيث أقامت كابي لطيف أثناء زيارتها لبنان، كان هذا اللقاء الآسر كما صوتها الاذاعي… عشقها للوطن لا يوازيه عشق. مع ذلك تراها تعيش الغربة من دون ان تغفل مناسبة على الوطن الذي احبته حتى المسامحة. في زيارتها الأخيرة كانت المفكرة مليئة بمواعيد وطاولات مستديرة: وزير الثقافة غابي ليون، وزير الاعلام وليد الداعوق، شخصيات سياسية وفكرية… ولأن الوطن كان وسيبقى الهاجس الأول في مسيرة حياتها المهنية وحتى الشخصية، كان لبنان الفرح والحياة هو العنوان لسلسلة حلقات إذا

لسيرة الذاتية للكاتبة سهير القلماوي مصرية المولد وكردية الأصل

وأول من قامت بإنشاء أول مكتبة في صالة مسرح الأزبكية والتي تقوم فيها ببيع الكتب بأرخص سعر إنها الكاتبة الكبيرة سهير القلماوي. حياتها ونشأتها لدت الكاتبة سهير القلماوي في القاهرة  من اب كردي وأم كردية الاصل مصرية الموطن   وكان ذلك في عام 1911، تربت وسط أسرة مثقفة تفتخر بالعلم وتقدره، كانت كاتبتنا تحب الإطلاع والقراءة حيث أن والدها كان يحب الكتب ولديه مكتبة ضخمة ذخيرة بكتب معظم الكتاب الذين لهم صيت عالي وعلى رأسهم رفاعة الطهطاوي، ابن إياس، طهحسين واستطاعت سهير القلماوي من خلال هذه الكتب تكوين موهبتها وشخصيتها الأدبية. في حلول عام 1919 تأثرت كاتبتنا بالنساء المصريات اللواتي قامن بالمشاركة في ثورة 1919 ومن أمثالهن صفية زغلول وهدى شعراوي وكانت هذه هي المرة الأولى التي تشارك فيها السيدات في الثورات، كانت سهير القلماوي ترغب في دراسة الطب إلا أن تم عدم قبولها وفي عام 1928 تخرجت من الكلية الأمريكية للفتيات إلا أنها قامت بتكريس حياتها في دراسة الأدب العربي وكان والدها يشجعها على  ذلك نجدها تعلمت الإرشاد واللغة العربية على يد الدكتور طه حسين الذي كان يرأس قسم اللغة ا