التخطي إلى المحتوى الرئيسي

فن وثقافة ظاهرة تزوير الكتب وقرصنتها تثير قلق المبدعين والناشرين



قرصنة الكتب


كل ظاهرة تزوير الكتب وقرصنتها هما للناشرين والمبدعين سواء في الشرق أو الغرب وهي ظاهرة تتحدث عنها الصحافة الثقافية الغربية بمرارة شأنها شأن ناشرين في مصر وسط اتفاق عام على انها "تهدد صناعة النشر بما في ذلك الكتب الرقمية" .
ولئن ذكرت صحيفة غربية مثل "الأوبزرفر" ان البعض يرد على شكوى الناشرين من ظاهرة الكتب المزورة والمقرصنة بأن عليهم ان يشعروا بامتنان لوجود قراء لاصداراتهم حتى الآن فان الصحيفة البريطانية ذكرت نقلا عن بيانات لمكتب حماية حقوق الملكية الفكرية ان نسبة تصل الى 17 في المائة من مجموع الكتب الرقمية او ما يصل عدده إلى أربعة ملايين كتاب هي كتب مقرصنة فمن الطبيعي ان يشعر الكتاب ناهيك عن الناشرين بالقلق البالغ حيال هذه الظاهرة التي تضع عالم الكتاب ككل في مهب الريح وعلى شفير الهاوية.
وتقول الكاتبة البريطانية سامانثا شانون ان "الكتب المقرصنة واقع وحقيقة في سياق صناعة النشر المعاصرة بينما اطلقت زميلتها القاصة الأمريكية ماجي شتيفتر تحذيرا للقراء "بأنهم اذا استمروا في تحميل الكتب المقرصنة رقميا فان المؤلفين سيكفوا عن الكتابة لأنهم لن يجدوا في وضع كهذا مايكفل لهم البقاء على قيد الحياة كأناس تعد الكتابة مصدر رزقهم".
وجاء التحذير من جانب هذه القاصة المتخصصة في "كتابات الفانتازيا" بعد أن ابلغها احد القراء عبر موقع تويتر للتدوينات القصيرة بأنه "لم يشتر ابدا أي كتاب من كتبها لأنه يقرأ كل ماتكتبه من قصص في نسخ رقمية مقرصنة".
وأضافت بأسى واضح ان ناشر قصصها أبلغها بأنه سيقلص عدد النسخ المطبوعة من قصتها الجديدة بأكثر من النصف حتى يقلل من خسائره جراء التزوير الورقي والقرصنة الرقمية فيما تقول ان هذه المعضلة تأتي في وقت تواجه فيه صناعة النشر مايكفي من المشاكل معتبرة ان "سوق الكتاب أمست سيئة".
ويشكل الناشرون جزءا حيويا في البنية الأساسية للثقافة حتى يحق وصفهم "بملح الأرض الثقافية" وتلمح العين كتبا تصدر من حين لآخر في الغرب عن هذا العالم وسياسات النشر فيما باتت ظاهرة تزوير الكتب الورقية فضلا عن القرصنة الرقمية إشكالية تهدد صناعة النشر الغربية كما تهدد الكاتب والمبدعين في الصميم كما تؤكد القاصة ماجي شتيفتر.
ويؤكد رئيس رابطة الناشرين في بريطانيا ستيفن لوتينجا ان مسألة الكتب الرقمية المقرصنة تشكل على وجه الخصوص "مصدر قلق بالغ للناشرين" موضحا ان هذه الرابطة تتعقب مواقع الكتب المقرصنة على شبكة الانترنت وتسعى لأغلاقها وتحطيم روابطها الالكترونية.
ومن نافلة القول إن تصاعد ظاهرة الكتب الرقمية المقرصنة يعني بالضرورة انخفاضا تلقائيا في مبيعات الكتب الرقمية المشروعة للناشرين بينما يعيد ستيفن لوتينجا للأذهان أن الظاهرة طالت من قبل الأفلام والموسيقى على الشبكة العنكبوتية وأثرت سلبا على صناعة السينما.
ورغم تسليمها بأن تلك الظاهرة أمست طبيعية في سياق صناعة النشر المعاصرة تستدرك الكاتبة سامانثا شانون لتقول ان تزوير الكتب وقرصنتها أمر محبط لأي كاتب ولايشجع ابدا على الابداع فيما تصف الظاهرة ككل بأنها تمثل بالتباساتها وتعقيداتها المتشابكة "منطقة رمادية في عالم الصناعات الإبداعية".
ومن بين التباسات الظاهرة أن الكثير من المتورطين في عمليات تزوير الكتب أو قرصنتها رقميا ليسوا من أصحاب الدخول المحدودة او أولئك الذين يعانون من شظف العيش بحيث يمكن التماس أي مبرر لما يفعلونه كما يقول رئيس رابطة الناشرين في بريطانيا مشيرا الى أن "قراصنة الكتب يتمتعون في اغلبهم بمستوى اقتصادي جيد ولايمكن وصفهم بأنهم أناس لايستطيعون شراء الكتب".
كما انهم ليسوا من المراهقين او الشباب الصغير فأغلبهم كما يوضح ستيفن لوتينجا ينتمون لفئة عمرية تتجاوز الثلاثين عاما وحتى سن الخمسين عاما فيما يؤكد مجددا على ان المتورطين في ظاهرة تزوير الكتب وقرصنتها "انما يدمرون صناعة بأكملها".
وحسب دراسة أجريت في بريطانيا ، فان ظاهرة تزوير الكتب وقرصنتها افضت لانخفاض حقيقي في دخول المؤلفين بنسبة تقترب من الـ 30 في المائة فيما يخشى ان تسفر الظاهرة على الأمد الطويل عن افلاس الناشرين وتوقف صناعة نشر الكتاب وهو ماحدث بالفعل لبعض الناشرين في بريطانيا.
وظاهرة الكتب المزورة يعاني منها أيضا الناشرون في مصر والعالم العربي بينما يتحدث بعض المؤلفين بمرارة عن رؤيتهم لكتب بأقلامهم تباع في نسخ مزورة بأسعار رخيصة وخاصة في بعض معارض الكتب.
وشهدت الدورات الأخيرة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب اهتماما بمكافحة ظاهرة الكتب المزورة تجلى في قرارات فورية باغلاق مكتبات "بسور الأزبكية داخل المعرض" لتورطها في بيع كتب مزورة بعضها من الأعمال الهامة لكتاب كبار.
وأعلن رئيس اتحاد الناشرين المصريين عادل المصري عن مزيد من الإجراءات بالتنسيق مع الهيئة المصرية العامة للكتاب لمحاربة ظاهرة تزوير الكتب في الدورة المقبلة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب مشيرا الى ان هذه الظاهرة تتجلى على وجه الخصوص في " سوق سور الأزبكية المشارك بالمعرض".
وتتفق آراء الكتاب في مصر والعالم العربي مع اقرانهم في الغرب بشأن خطورة ظاهرة الكتب المزورة التي يمكن ان تدمر صناعة النشر فيما يرى رئيس مجلس إدارة دار الشروق المهندس إبراهيم المعلم أن "تزوير الكتب يهدد صناعة النشر في مصر بالفناء".
وفي مقابلة نشرت مؤخرا بجريدة الشروق ، قال المعلم إن "السطو على حقوق الملكية الفكرية جريمة مكتملة الأركان" وتساءل :ماالذي يشجع أي كاتب ان يبذل الجهد لمزيد من الإنتاج ما دامت كتبه ستتعرض للسطو من جانب المزورين ؟!.
وأضاف المعلم الذي شغل من قبل منصب رئيس اتحاد الناشرين المصريين ان "الناشرين الجادين في مصر باتوا يصارعون من اجل البقاء بسبب التزوير" موضحا أن محاربة تزوير الكتب في العالم العربي احد اهم الأسباب التي دعت لتدشين اتحاد الناشرين العرب.
وأعاد للأذهان ان الكتاب المصري من أهم وأقدم الصادرات المصرية واوسعها انتشارا "فقد بدأ تصديره منذ منتصف القرن التاسع عشر فوصل شرقا الى اندونيسيا وغربا الى المغرب العربي وافريقيا".
ومن دواعي الأسف لأي مثقف ان يقرأ او يسمع عن اغلاق مكتبة او دار نشر لأبوابها مثلما حدث مؤخرا في القاهرة عندما أعلنت" دار شرقيات" عن انهاء مسيرتها في عالم النشر التي دامت على مدى تجاوز ربع القرن وقدمت خلالها اعمالا هامة سواء لمبدعين في الثقافة العربية او على مستوى الكتب المترجمة.
واذا كان البعض يتوقع المصير ذاته لدور نشر أخرى ، كما ان هناك طروحات في الصحافة الغربية تؤكد على التحديات الخطيرة التى يتعرض لها الكتاب الورقى من جانب الكتاب الالكترونى فان ظاهرة القرصنة الرقمية تهدد أيضا الكتاب الالكتروني وناشره.
ولم يتردد الناشرون فى الاستفادة من خبرات هوليوود السينمائية فى التوصل لصيغة لتقليل الخسائر التى تتكبدها دور السينما جراء عرض الافلام على المواقع الالكترونية لشبكة الانترنت او بيعها بسرعة فى نسخ الكترونية كاشكالية شبيهة باشكالية الخسائر التى تتعرض لها الكتب الورقية بسبب الكتب الالكترونية.
ويقول الناشر جان فون ميرين ان فكرة النشر المبكر للطبعات ذات الأغلفة اللينة او غير السميكة بدأت تؤتى ثمارها فى خضم منافسة لاتعرف الرحمة بين الكتب الورقية والكتب الالكترونية معتبرا أن الأفكار الجديدة والمبتكرة هى السلاح الأكثر اهمية فى هذه المنافسة الشرسة.
ويبدو الآن ان ثمة حاجة لأفكار جديدة ومبتكرة لمواجهة ظاهرة تزوير الكتاب الرقمي والرقمي معا والمؤكد أن أي مثقف حقيقي لايمكن ان يرحب بظاهرة من شأنها القضاء على صناعة نشر الكتاب وتثبيط همم المبدعين.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تاريخ دساتير سوريا

تاريخ دساتير سوريا    المعدلة – حسن ظاظا - تاريخ دساتير سوريا المرنة : بعد انسحاب العثمانيين من سوريا في 1 أكتوبر 1918 شكلت حكومة وطنية برئاسة علي رضا الركابي، وفي مايو 1919 وبناءً على اقتراح الأمير فيصل جرى عن طريق الناخبين الثانويين الذين انتخبوا نواب مجلس المبعوثان العثماني في إسطنبول عن ولايتي دمشق وحلب وفق القانون العثماني انتخاب أعضاء "المؤتمر السوري العام" أما في سائر مناطق بلاد الشام والمشمولة بولاية الحكومة نظرياً فقد اكتفي بعرائض وقّع عليها الأهالي لاختيار الممثلين، وفي 19 يونيو 1919 عقد المؤتمر السوري العام أول جلسة له وانتخب محمد فوزي باشا العظم رئيساً له وبعد اعتكاف هذا الأخير أصبح هاشم الأتاسي رئيساً للمؤتمر، وفي 8 مارس 1920 أعلن المؤتمر دون التنسيق مع الحلفاء "استقلال سوريا" وأعلن قيام المملكة السورية العربية وعيّن فيصل الأول ملكاً عليها، غير أن هذا الكيان لم يحظ بأي اعتراف دولي، رغم ذلك فقد شكل المؤتمر لجنة خاصة برئاسة هاشم الأتاسي مهمتها صياغة دستور المملكة وجاء الدستور باثني عشر فصلاً و147 مادة، ومن أهم ما جاء فيه أن سوريا "ملكي

بيروت: نوس سوسيال/ حوار مع الاعلامية كابي لطيف: قدري أن أكون في لبنان… شبعت غربة

  بيروت: نوس سوسيال                              حوار جومانا نصر قالوا «كابي لطيف في بيروت». وهل ثمة تردد في ملاقاة هذا الوجه الاعلامي الساحر الذي اشتقنا الى صوته وخبراته؟ في حضورها وهج ما يأسرك وينقلك من حيث لا تدري الى زمن الأبيض والأسود حيث كان للأصالة الاعلامية مساحة ولتلفزيون لبنان واذاعة بيروت كل العز. حنينها الى «بيروت» لم يخفت، لكن مجرد أن تطأ كابي لطيف مسرح طفولتها ومراهقتها وشبابها الذي تفتح مع أزيز القذائف، تخلع عنها رداء المهنة وتعود تلك المراهقة العاشقة لعاصمة لم تخلع يوماً رداءها. من فندق «لو غبريال» في منطقة الأشرفية حيث أقامت كابي لطيف أثناء زيارتها لبنان، كان هذا اللقاء الآسر كما صوتها الاذاعي… عشقها للوطن لا يوازيه عشق. مع ذلك تراها تعيش الغربة من دون ان تغفل مناسبة على الوطن الذي احبته حتى المسامحة. في زيارتها الأخيرة كانت المفكرة مليئة بمواعيد وطاولات مستديرة: وزير الثقافة غابي ليون، وزير الاعلام وليد الداعوق، شخصيات سياسية وفكرية… ولأن الوطن كان وسيبقى الهاجس الأول في مسيرة حياتها المهنية وحتى الشخصية، كان لبنان الفرح والحياة هو العنوان لسلسلة حلقات إذا

لسيرة الذاتية للكاتبة سهير القلماوي مصرية المولد وكردية الأصل

وأول من قامت بإنشاء أول مكتبة في صالة مسرح الأزبكية والتي تقوم فيها ببيع الكتب بأرخص سعر إنها الكاتبة الكبيرة سهير القلماوي. حياتها ونشأتها لدت الكاتبة سهير القلماوي في القاهرة  من اب كردي وأم كردية الاصل مصرية الموطن   وكان ذلك في عام 1911، تربت وسط أسرة مثقفة تفتخر بالعلم وتقدره، كانت كاتبتنا تحب الإطلاع والقراءة حيث أن والدها كان يحب الكتب ولديه مكتبة ضخمة ذخيرة بكتب معظم الكتاب الذين لهم صيت عالي وعلى رأسهم رفاعة الطهطاوي، ابن إياس، طهحسين واستطاعت سهير القلماوي من خلال هذه الكتب تكوين موهبتها وشخصيتها الأدبية. في حلول عام 1919 تأثرت كاتبتنا بالنساء المصريات اللواتي قامن بالمشاركة في ثورة 1919 ومن أمثالهن صفية زغلول وهدى شعراوي وكانت هذه هي المرة الأولى التي تشارك فيها السيدات في الثورات، كانت سهير القلماوي ترغب في دراسة الطب إلا أن تم عدم قبولها وفي عام 1928 تخرجت من الكلية الأمريكية للفتيات إلا أنها قامت بتكريس حياتها في دراسة الأدب العربي وكان والدها يشجعها على  ذلك نجدها تعلمت الإرشاد واللغة العربية على يد الدكتور طه حسين الذي كان يرأس قسم اللغة ا