التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الأكراد في مصر".. تاريخ من الوجود وإبداع خارج الهوية





خاص - نوس سوسيال

تضم مصر سلالات مختلفة ومئات الأعراق التي سرعان ما تصبح جزءا من نسيجها، فالبلد التي غيرت لغتها 
ودينها ثلاث مرات على مدار التاريخ، لا يمكن أن تفرق فيها بين مصري المنشأ وآخر من أصول أحنبية، فطالما ذاب الأجانب في مجتمعها ليكونوا جزءا من حضارة المحروسة، وليحصلوا على لقب "أبناء النيل".

خلال هذا التقرير، نرصد لكم عرقًا كان غريب عن هذا المجتمع، ألا وهم المصريون من أصل كردي، والذين أحدث بعضهم تغييرا جذريا في تاريخ مصر القديم والحديث، على كافة المستويات "السياسية والدينية والفكرية والفنية والأدبية". 

ويعرف الأكراد بأنهم الشعوب التي تعيش في غرب آسيا شمال الشرق الأوسط، وتحديدا بين الفرس واليونان ويطلق عليهم الأكراد كردستان الكبرى، ويمثلوا حاليا أجزاء من عدة دول، هي: "شمال شرق العراق، وشمال غرب إيران، وشمال شرق سوريا، وجنوب شرق تركيا"، ويعدون رابع أكبر مجموعة عرقية بالشرق الأوسط، ويقدرون بأكثر من 20 مليون نسمة.

"الأكراد في مصر"

يعيش العديد من الأكرد في مصر في محافظات عدة، ورغم أنصارهم في المجتمع المصري إلا أنهم محتفظين بأصولهم، لكن اختلفت الروايات في تحديد دخول الأكراد إلى مصر، فذكرت أنهم دخلوا مع بداية علاقات "الميتانيين" أجداد الأكراد، وبين الملوك الفراعنة منذ القرن الرابع عشر قبل الميلاد، بحسب كتاب "الأكراد في مصر عبر العصور".

في الوقت الذي ذكر فيه أنهم دخلوا مصر بعد الفتح الإسلامي لأقليم كردستان، وأصبحوا جزءا من المجتمع المسلم حينها ليساهموا بعد الفتح في بناء الحضارة الإسلامية، وتحديدا مع تولي صلاح الدين الأيوبي "الكردي" خلافة المسلمين ونوه إلى أنهم توافدوا على مصر في عهد الدولة الأيوبية كرجال حكم وإدارة وقادة عسكريين وجنود وتجار وطلبة علم في الجامع الأزهر طوال التاريخ الإسلامي.

"عدد الأكراد"

لم تصدر إحصائية رسمية في مصر عن عدد الأكراد المقيمين فيها، حيث تشير بعض التقارير والكتب عن اقتراب عددهم من 4 ملايين شخص، في الوقت التي ذكر أن عددهم يقترب من مليون نسمة فقط، بخلاف حوالي 1100 طالب يدرسون في جامعة الأزهر، إضافة إلى ما يقرب من 2000 مقيم.

ويتنشر الأكراد في كل محافظات مصر تقريبًا، وهناك بعض القرى والمدن والشوراع التي تحمل أسمهم، والموجودة حتى الآن، مثل "قرية منشأة الكردي" في محافظة الغربية، وبنو زيد الأكراد وجزيرة الأكراد في صعيد مصر، ومنية الكردي وكفر الكردي في محافظة الدقهلية، وشارع عائشة التيمورية في منطقة جاردن سيتي بوسط القاهرة.

"الأزهر والأكراد"

يعد الجامع الأزهر منذ تأسيسه في عهد الدولة الفاطمية قبلة الراغبين في النهل من علوم الدين، إلا أن طلبة الأكراد كان لهم وضع خاص، حيث كان يوجد في الجامع الأزهر رواق خاص بالطلبة الكرد، وكانت له أوقاف خاصة قبل حوالي 300 عامًا، حيث يضم غرفا للطعام وأخرى للنوم، إضافة إلى المكتبة، ويحصل الطلاب المقيمين فيه على الطعام والكساء من الأغنياء، ومن الأوقاف المسجلة عليه، وأسس من وقف الأميرة الكردية خاتون خان من الأسرة الأيوبية.

"الأكراد في السياسة"

كان من بين الأكراد الذي تولوا مناصب كبيرة في مصر أحمد بن ضحاك أحد الأمراء الذي تولى في عهد الخليفة الفاطمي القادر بالله مناصب مهمة في الجيش المصري، وأبو الحسن سيف الدين علي بن سالار، وزير الظافر العبيدي صاحب مصر. 

وذكرت مصادر أن مؤسس مصر الحديثة محمد علي باشا الكبير من أصل كردي وتحديدا من من ديار بكر، وفقا لتصريح حفيده الأمير محمد علي لمجلة "المصور" المصرية عام 1949.

كما تولى محمد الكاشف بن إسماعيل بن علي مديرا لمحافظة الشرقية، وتولى ابنه ابنه إسماعيل رشدي باشا مناصب عدة، حيث كان مديرا  لبعض المديريات ورئيساً لديوان الخديوي.

"إبداع كردي"

وبرز في الحياة المصرية العديد من الشخصيات التي كان لها دورا هامًا في النهضة الاجتماعية والفكرية والدينية والفنية، حتى أنهم أصبحوا روادًا في مجالاتهم وتركوا بصمة كبيرة أثرة الحياة والتاريخ المصري، فمنهم: "أمير الشعراء أحمد شوقي والأديب محمود تيمور والأديبة عائشة التيمورية والإمام محمد عبده والمخرجان أحمد بدرخان وعلي بدرخان، والأديب عباس محمود العقاد وعامر العقاد والمفكر قاسم أمين والباحث الدكتور حسن ظاظا والشيخ عبد الباسط محمد عبدالصمد والكاتبة درية عوني محمد سيف الدين وانلي".

ومن الفنانين ذوي الأصول الكردية الذين تركوا بصمة في الفن المصري، حتى تحولوا إلى أيقونة يشير الجميع إلى إبداعهم، فمنهم: "محمود المليجي، وعادل أدهم، وصلاح السعدني، وأحمد رمزي، والسندريلا سعاد حسني وأختها نجاة الصغيرة، والمخرج السينمائي أحمد بدرخان وابنه علي، والفنان عمر خورشيد وشيرين وشريهان".

كما تضم مصر عائلات عدة من أصل كردي، منها: " تيمور باشا و بدرخان، والأورفلي وظاظا والكردي ووانلي وعوني والاباضية وخورشيد".

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تاريخ دساتير سوريا

تاريخ دساتير سوريا    المعدلة – حسن ظاظا - تاريخ دساتير سوريا المرنة : بعد انسحاب العثمانيين من سوريا في 1 أكتوبر 1918 شكلت حكومة وطنية برئاسة علي رضا الركابي، وفي مايو 1919 وبناءً على اقتراح الأمير فيصل جرى عن طريق الناخبين الثانويين الذين انتخبوا نواب مجلس المبعوثان العثماني في إسطنبول عن ولايتي دمشق وحلب وفق القانون العثماني انتخاب أعضاء "المؤتمر السوري العام" أما في سائر مناطق بلاد الشام والمشمولة بولاية الحكومة نظرياً فقد اكتفي بعرائض وقّع عليها الأهالي لاختيار الممثلين، وفي 19 يونيو 1919 عقد المؤتمر السوري العام أول جلسة له وانتخب محمد فوزي باشا العظم رئيساً له وبعد اعتكاف هذا الأخير أصبح هاشم الأتاسي رئيساً للمؤتمر، وفي 8 مارس 1920 أعلن المؤتمر دون التنسيق مع الحلفاء "استقلال سوريا" وأعلن قيام المملكة السورية العربية وعيّن فيصل الأول ملكاً عليها، غير أن هذا الكيان لم يحظ بأي اعتراف دولي، رغم ذلك فقد شكل المؤتمر لجنة خاصة برئاسة هاشم الأتاسي مهمتها صياغة دستور المملكة وجاء الدستور باثني عشر فصلاً و147 مادة، ومن أهم ما جاء فيه أن سوريا "ملكي

بيروت: نوس سوسيال/ حوار مع الاعلامية كابي لطيف: قدري أن أكون في لبنان… شبعت غربة

  بيروت: نوس سوسيال                              حوار جومانا نصر قالوا «كابي لطيف في بيروت». وهل ثمة تردد في ملاقاة هذا الوجه الاعلامي الساحر الذي اشتقنا الى صوته وخبراته؟ في حضورها وهج ما يأسرك وينقلك من حيث لا تدري الى زمن الأبيض والأسود حيث كان للأصالة الاعلامية مساحة ولتلفزيون لبنان واذاعة بيروت كل العز. حنينها الى «بيروت» لم يخفت، لكن مجرد أن تطأ كابي لطيف مسرح طفولتها ومراهقتها وشبابها الذي تفتح مع أزيز القذائف، تخلع عنها رداء المهنة وتعود تلك المراهقة العاشقة لعاصمة لم تخلع يوماً رداءها. من فندق «لو غبريال» في منطقة الأشرفية حيث أقامت كابي لطيف أثناء زيارتها لبنان، كان هذا اللقاء الآسر كما صوتها الاذاعي… عشقها للوطن لا يوازيه عشق. مع ذلك تراها تعيش الغربة من دون ان تغفل مناسبة على الوطن الذي احبته حتى المسامحة. في زيارتها الأخيرة كانت المفكرة مليئة بمواعيد وطاولات مستديرة: وزير الثقافة غابي ليون، وزير الاعلام وليد الداعوق، شخصيات سياسية وفكرية… ولأن الوطن كان وسيبقى الهاجس الأول في مسيرة حياتها المهنية وحتى الشخصية، كان لبنان الفرح والحياة هو العنوان لسلسلة حلقات إذا

لسيرة الذاتية للكاتبة سهير القلماوي مصرية المولد وكردية الأصل

وأول من قامت بإنشاء أول مكتبة في صالة مسرح الأزبكية والتي تقوم فيها ببيع الكتب بأرخص سعر إنها الكاتبة الكبيرة سهير القلماوي. حياتها ونشأتها لدت الكاتبة سهير القلماوي في القاهرة  من اب كردي وأم كردية الاصل مصرية الموطن   وكان ذلك في عام 1911، تربت وسط أسرة مثقفة تفتخر بالعلم وتقدره، كانت كاتبتنا تحب الإطلاع والقراءة حيث أن والدها كان يحب الكتب ولديه مكتبة ضخمة ذخيرة بكتب معظم الكتاب الذين لهم صيت عالي وعلى رأسهم رفاعة الطهطاوي، ابن إياس، طهحسين واستطاعت سهير القلماوي من خلال هذه الكتب تكوين موهبتها وشخصيتها الأدبية. في حلول عام 1919 تأثرت كاتبتنا بالنساء المصريات اللواتي قامن بالمشاركة في ثورة 1919 ومن أمثالهن صفية زغلول وهدى شعراوي وكانت هذه هي المرة الأولى التي تشارك فيها السيدات في الثورات، كانت سهير القلماوي ترغب في دراسة الطب إلا أن تم عدم قبولها وفي عام 1928 تخرجت من الكلية الأمريكية للفتيات إلا أنها قامت بتكريس حياتها في دراسة الأدب العربي وكان والدها يشجعها على  ذلك نجدها تعلمت الإرشاد واللغة العربية على يد الدكتور طه حسين الذي كان يرأس قسم اللغة ا